"الحاجات كلها حقتو، لكن هي جابت ليها شهود حلفوا بالكضب والقاضي حكم ليها" انظر الي اي مدي وصل فساد الذمم وضعف الايمان،
وحُكي لي كذلك: "طلّعوهم بالبوليس، لكن قاليك دشدشوا البيت لمن اهلو ما عرفوهو" ولنستمع لمحامي يخاطب احد القضاة: "يا مولانا انت هسع كل الاسئلة الوجهناها للشاهد جاوبت عليها انت!!" وبعد انتهاء الجلسة وضّح المحامي لموكله ان سلوك القاضي غريب وغير مبرر وغير مفهوم وثمة شيئا مريبا، وفعلا عندما بحثوا وجدوا ان القاضي وامرأته زميلين لأخ المدّعي، مالك المحل، فالقاضي لا يريد لأخ زميله ان يخسر قضية اخلاء ربما يظنها تافهة!
وحّدث ولا حرج عن الاموال التي تدفع للمعلنين من قبل المدعي والمدعي عليه لملاحقة المراد اعلانهم او تجاهلهم، من اجل تعجيل الجلسات او تأخيرها! وما خفي اعظم!
لقد صار الناس يصلون لمبتغاهم بأي وسيلة، مشروعة ام غير مشروعة؛ واصبحت قضايا الطلاق واخلاء العقارات أو طلب ايجار المثل الشغل الشاغل للمحاكم فتراكمت القضايا فزادت مدّة البتّ فيها؛ وصار الذي يكسب القضية هو الاكثر خبثا، وبعض المحامين يستخدمون وسائل قذرة جدا! لا تخطر علي بال احد من اجل كسب الدعوي.
هذا يمثّل انحرافا كبيرا عن صفاتنا المميزة واخلاقياتنا المعروفة، ففي الماضي ما كانت مثل تلك المنازعات تصل للمحاكم، فالقرآن اوصي بتحكيم عائلي بين المتطالقين (حكما من اهله وحكما من اهلها)؛ وايجار العقارات كان يتم بكل ود واحترام.
اذكر قبل حوالي سنتين طلب مني صاحب المنزل اخلاءه لانهم انهوا عمله بالخارج وانه عائد، فقال لي الجيران القانون يعطيك كذا، فقلت لهم بيني وبين الرجل "عقد" بسنة واحدة، وانا سكنت اربعة اعوام، فلن اقاضيه في منزله مستغلا ثغرات القانون، فالتزمت بالاخلاء فاعفاني مشكورا من ايجار ثلاثة اشهر. بل انني خرجت من المنزل التالي بنفس الطريقة، فقال لي بعض الأهل: هل انت "عوير" كلما يقال لك اخرج تخرج؟!
لست عويرا ولكني اعتقد ان العقار مثل الولد، ولا يجب ان تضار والدة بولدها، وحينما تؤجر منزلا من احد كأنك تزوجت من ابنته، فيجب ان تلتزم بالعقد وتصون البيت وتسلمه كما وجدته لصاحبه، ولكن في هذا الزمن نزغ الشيطان بين الناس فالمطلقة والمطلق، والمؤجر والمستأجر، يريد كل منهم ان ينتقم من صاحبه،.
واسوأ ما سمعته هو ان "فكِي" يستطيع اخلاء المنزل او المحل في شهرين فقط بينما تأخذ المحاكم سنين عددا، ومعروف ان اولئك يدّعون تسخير الجنّ والاعاذة بالله. تلك السلوكيات أدت لفقدان الثقة بين الناس، وكما صار الطلاق اكثر من الزواج بسبب مطالب اهل العروس، صارالمؤجرون يغالون ويتحايلون علي القانون فيؤجرون المنازل مفروشة، بل ان بعضهم يطالب فوق ذلك بضمانات اخري، والبعض يطلب جلسات "تعارف" لتخفيض الاجرة، وبعضهم فضّل الحمام والخفافيش علي البشر!
ربما يفرح البعض بأن القانون اعطاه شيئا بالباطل، ولكن قضاء الدنيا ليس نهاية المطاف فهناك يوم الفصل .. عندما يأخذ كلٌ حقه الحقيقي ففي الحديث: (لتُؤدُنّ الحقوق حتي ليقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء) وفي حديث اخر: (فلعل بعضكم ان يكون ابلغ من بعض، فاحسِب انه صدق، فاقضي له بذلك، فمن قضيت له بحق مسلم، فانما هي قطعة من النار)
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة