منذ استقلال السودان هنالك صراع خفي غير مفهوم وغير منطقي حول ( الإدارة الأهلية ) في أرجاء البلاد شرقاَ وغرباَ وجنوباَ وشمالاَ ووسطاَ ،، البعض من أبناء السودان مازال ينادي ويفضل تلك الإدارة الأهلية التي كانت سائدة في الماضي والتي كانت من اختراعات ذلك المستعمر البغيض ،، حيث تلك الإدارة الأهلية التي تعني سيطرة وسطوة عائلات بعينها على السلطة المحلية في منطقة من مناطق السودان ،، وحيث مسميات ( العمد والشيوخ ورجال الجاه ) ،، والمضحك في الأمر أن السلطة المحلية في مفهوم ( الإدارة الأهلية ) تتنقل تلقائياَ من الأجداد للآباء ،، ومن الآباء للأبناء ،، ومن الأبناء للأحفاد ،، وهكذا فهي سلطة محلية تتوارثها وتهيمن عليها عائلات بعينها مدى السنوات والعهود ،، ومع مرور الأزمان ظهرت وتفشت في السودان ظاهرة ( الإقطاعيات ) التي كانت معروفة في بعض دول العالم ،، حيث أن هؤلاء ( العمد والشيوخ ) والأتباع الموالين لهم في الكثير والكثير من مناطق السودان قد تمكنوا من الاستيلاء على تلك الأراضي العامة في العديد والعديد من مناطق السودان ،، وقد أصبحوا من اثري الأثرياء في تلك المناطق ،، فحين يسأل الناس عن تلك المزارع الشاسعة المديدة طولاَ وعرضاِ وعن تلك البساطين والحدائق الوارفة الواسعة العديدة يقال لهم بمنتهى البساطة والبراءة : هي للعمدة فلان ابن فلان ،، أو يقال لهم : هي للشيخ فلان ابن فلان ،، أو يقال : هي لورثة العمدة فلان ابن فلان ،، أو هي لورثة الشيخ فلان ابن فلان !!،، وطبعاَ من سابع المستحيلات أن يتجرأ أحد من أبناء المنطقة ويسأل هؤلاء العمد والشيوخ وأصحاب الجاه الأتباع ويقول لهم : ( من أين لكم هذا ؟؟؟ ) .
تلك هي الصورة التي يعرفها الناس في الكثير والكثير من مناطق وأقاليم السودان حين يجري الحديث حول تلك ( الإدارة الأهلية ) ،، وفي مرحلة من مراحل الوعي والإدراك لدى الشعب السوداني في الكثير من مناطق وأقاليم السودان تمرد الناس في تلك المناطق ورفضوا كليا فكرة ( الإدارة الأهلية ) من الأساس ،، ورفضوا كلياَ تلك الظاهرة التي تسمى سطوة ( الإدارة الأهلية ) ،، ونجد حالياَ أن الناس في معظم مناطق وأقاليم السودان قد تخلصوا من تلك الصورة الهزلية البدائية التي كانت سائدة في ظلال سطوة ( الإدارة الأهلية ) ،، والناس في تلك المناطق والأقاليم قد نسوا كلياً ذلك الماضي بصحبة هؤلاء العمد والشيوخ وأصحاب الجاه ،، هؤلاء الذين كانوا ينفردون بتلك القرارات الفردية وفي نفس الوقت كانوا يستغلون السانحة لممارسة صورة من صور الإقطاعية في بعص المناطق ،، وحالياً نجد أن معظم مناطق السودان تتعامل مع تلك اللجان المحلية المختارة من قبل أبناء المناطق والأقاليم أنفسهم ،، وهي تلك اللجان التي يتم اختيار أعضاءها بطريقة ديمقراطية ودورية سنوية سليمة ،، وأعضاء تلك اللجان هم أبناء المناطق أنفسهم الذين يعرفون أسرار تلك المناطق ولا يتعالون على أحد بحكم المهنة ،، وفي نفس الوقت لا يطمعون إطلاقاً على الاستيلاء لتلك الأراضي العامة في المناطق والأقاليم ،، وشتان شتان بين مزايا وعيوب تلك اللجان المحلية الحالية وبين مزايا وعيوب هؤلاء العمد والشيوخ في الماضي !! ،، والذين كانوا يمثلون شكلاَ من أشكال ( الإقطاعية ) في تلك المناطق والأقاليم ،، وتلك الصورة الحالية السارية في الكثير من مناطق وأقاليم السودان هي صورة عصرية وحضارية بكل القياسات ،، فهي صورة مقبولة تواكب العصر والحداثة والديمقراطية بأروع معانيها ،، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يفكر الشعب السوداني الواعي المدرك العودة مرة أخرى لأزمان : ( الإقطاعية ) في ظلال الإدارة الأهلية ،، وهي أزمان السيطرة والهيمنة للأمور والأحوال بصورة احتكارية منفردة ،، وهي تك الظاهرة التي كانت تتوارثها عائلات بعينها جيلاَ بعد جيل .
منذ سنوات طويلة قد أتضح للشعب السوداني ان هنالك مناطق وأقاليم سودانية مازالت متخلفة وبدائية للغاية ,, فهي تلك المناطق والأقاليم التي لا تستطيع الاستغناء عن خدمات ( الإدارة الأهلية ) بأي شكل من الأشكال ،، وأبناء تلك المناطق لا يملكون تلك المقدرات العقلية التي تعالج القضايا المحلية عن طريق اللجان أو عن طريق هؤلاء المثقفين من أبناء المنطقة ،، ويحق لهؤلاء البسطاء في تلك المناطق أن يطالبوا وينادوا بتلك ( الإدارة الأهلية ) في مناطقهم تلك التي مازالت تعيش في غياهب الجهل والتخلف ،، ولكن لا يحق إطلاقاَ لهؤلاء أن يطالبوا بعودة ظاهرة ( الإدارة الأهلية ) لكافة مناطق السودان ،، فتلك الظاهرة قد أصبحت من إرهاصات الماضي في تلك المناطق والأقاليم السودانية منذ عهود طويلة ،، والمعروف للعقلاء من الناس أن تلك الشعوب المتقدمة في أرجاء العالم تبحث دائماَ عن الجديد المفيد ،، ولا تتراجع الخطوات للوراء لتنقب في حقائب الماضي حين تفشل عن مواجهة متطلبات الحضارة والتقدم ,, فيا حسرة على أناس يعشقون الحياة في ظلال الأوحال وفي أرفف الماضي العقيم حتى لحظات الممات !!،، ولا يملكون تلك المقدرات العقلية التي تخلق وتواكب الجديد من الأفكار ،، الشعوب الواعية المدركة في العالم تطرق أبواب القمر والمريخ في هذه الأيام ،، وهؤلاء في السودان مازالوا يطرقون أبواب ( الإدارة الأهلية ) دون خجل أو استحياء !!!!!!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة