يراهن أهل الشمال على دمار دارفور لو انفصلت استصحاباً لجنوب السودان. رغم أن كل ماحدث في الجنوب او دارفور هو نتيجة تراكمية لعدم بناء دولة مؤسسات تحقق العدالة والرفاهية في تلك المناطق، فهي مسؤولية شمالية بامتياز، ويجب أن يعترف الشماليون (بحكوماتهم العسكرية أو الحزبية بذلك)بذلك ويقدموا اعتذارهم لكل من مات ويموت بسبب الفقر والمرض ولكل الذين يعانون من الجهل. مع ذلك دعونا نؤكد بأنه لا سبيل لدمار دارفور بعد اليوم، سواء كان ذلك في ظل استقلالها او بقائها تحت حكم الشمال. لأن هناك حركة وعي انتظمت الهامش بشكل عام، حركت المياه الراكدة، وخلقت مفهوماً جوهرياً للمصلحة الشخصية، انا أتمنى أن يعي كل مواطن في الهامش أو حتى في الشمال مصالحه الشخصية، لأن الوعي الجماعي يعني تساوي القوى المتنازعة في فهم واقعها وبالتالي أعتقد انه أصبح من الصعوبة اليوم سيطرة جهة واحدة على كل شيء واتفاقية جوبا ومن قبلها نيفاشا -تؤكد- أن هذا الشعب إما أن يشبع كله أو يجوع كله، ولم يعد مقبولاً أن تشبع فئة تاركة الباقين يتضورون خماصاً. إذا فالوعي بمصالحنا ليس عيباً بل هو أساس للمقاومة ثم -وهذا هو الأهم- اساس للمطالبة بالحقوق. فالإنسان الذي لا يعي بحقوقه يضيعها عن جهل. لذلك، أعتقد أن ما يحدث اليوم من ارتفاع صوت الهامش، هو حالة صحية جداً لبناء دولة يتساوى فيها الجميع، أو ينفصل عنها الجميع. كما أعتقد أن هذا الوضع هو الذي يؤهل دارفور لاستقبال استقلالها هي وباقي مناطق الهامش وهي على وعي بما يجب أن تبدأ به. وهو التأسيس لدولة قوية ومتماسكة وآمنة. وأن من مصلحة جميع القوى في دارفور أن تتشارك تقديم تنازلات قليلة لتتمتع بالاتتفاع بمصالحها غاية الاستمتاع. استقلال المناطق المهمشة يعني التخلص من أعباء تراكمت بسبب الحكم الخاطئ للشماليين منذ الاستقلال، كما يعني استيعاب أهل دارفور لنخبهم السياسية والعلمية لتكوين منظومة حكم واسعة وعادلة بالنسبة للجميع مثل النظام السويسري. دارفور مؤهلة اقتصادياً تأهيلاً عالياً فقط إذا وُضِعت لها منظومة قانونية وإدارية ومالية ومحاسبية متماسكة وشاملة، بحيث تحوذ أهم ما يجب أن تحوذه أي دولة حديثة وهي الثقة العالمية في نظامها المؤسسي. وليس أسهل من بناء هذا النظام بمشاركة الجميع مع المحافظة على مكتسبات كل القوى التاريخية. وبمجرد بناء تلك المنظومة، فإن أي إخلال من أي أقلية سيشكل خطراً على مصالح الباقين، مما سيستدعي تحالفهم ضده والحفاظ على الاستقرار العام. لكن؛ من الواجب أن ننوه إلى ضرورة أن يدفع الشمال تعويضات لا تقل عن خمسين مليار دولار عن الخسائر التي لحقت بدارفور منذ الاستقلال بسبب التهميش وإثارة الفتن والحروب. وعلى الشمال أن يدفع مليار كل عام لمدة خمسين سنة لدافور تقسيطاً لهذا التعويض (القليل جداً على فكرة)، لأن الخسائر تراكمت لتؤذي أجيال الماضي والحاضر والمستقبل. والحق أحق أن يتبع. لذلك فدارفور لن تنهار أبداً، وأظن أن بها علماء وخبراء تم تهميشهم حتى لا يلعبوا أي دور في توعية المواطن الدافوري، كما حدث حتى لكردفان شمالها وجنوبها، والنيل الأزرق والشرق إلا لقلة من المتسلقين والانتهازيين.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة