ساد هرج ومرج كثير بولاية القضارف بعد ظهور الفيديو الصادم الذي تضمن مشاركة الوالي سليمان علي في نشاط يخدم المؤتمر الوطني. لم يكن الدكتور سليمان علي، والي ولاية القضارف، ينتمي للمؤتمر الوطني، ولكنه أخطأ خطأ جسيما في العام ٢٠٠٩ عندما رضخ لسطوة القبيلة، ورضي أن يقدم برنامجا بمنزل ناظر البني عامر، في إطار تنصيب عمدة لمجموعته العشائرية، وقد اشتمل البرنامج على تكريم رموز المؤتمر الوطني، وكانت من ضمن فقراته بيعة القبيلة للمؤتمر الوطني. وهذا النشاط يخدم في الأساس المؤتمر الوطني، الذي كان يستعد لانتخابات ٢٠١٠ م بحشد القبائل استعدادا للانتخابات. وكان من المتوقع أن ينأى سليمان علي بنفسه عن نشاط كهذا، بحكم تعليمه وتوجهه المختلف عن المؤتمر الوطني. لقد كانت طريقة قوى إعلان الحرية والتغيير بالقضارف في اختيار قائمتها القصيرة لموقع الوالي، هي الأفضل مقارنة بالولايات الأخرى. قامت قوى الحرية والتغيير بتشكيل لجنة لفرز الترشيحات ضمت ممثلا لكل مكونات قحت (الحزب الشيوعي، لجان المقاومة، مبادرة الخلاص، حزب الأمة، الحركة الشعبية "عبد العزيز الحلو"، حزب البعث، المؤتمر السوداني، التجمع الاتحادي، حزب البعث الأصل، الحزب الناصري، الحزب الوطني الاتحادي الموحد، الحزب الاتحادي الموحد، تجمع المهنيين، تجمع القوى المدنية). هنالك أحزاب أخرى لم تشارك لأنها انضمت لقوى الحرية والتغيير لاحقا، بعد انتهاء العملية، التي استمرت لشهرين ونصف. وهنالك أجسام شاركت في كل عملية اختيار الوالي، ثم غادرت قحت بعد انتهاء العملية، وهي حسب ترتب مغادرتها : مبادرة الخلاص، لجان المقاومة، الحزب الشيوعي وهنالك أحزاب شاركت جزئيا في عملية اختيار الوالي، ثم انسحبت من مواصلة العملية، وهي الحركة الشعبية، وحزب الأمة. غيرت الحركة الشعبية ممثلها في قحت. واعترض الممثل الجديد على استبعاد ملف أحد المتقدمين، الذي طُعن فيه باعتبار انتمائه للمؤتمر الشعبي، وانسحب حزب الأمة من لجنة فرز الترشيحات معترضا على الطريقة، ولكن لم يسحب منسوبوه المرشحون ملفاتهم ، والذين من ضمنهم قيادات الحزب. ولما انتهت عملية الفرز التي جاءت بمنسوب حزب الأمة الدكتور إسماعيل محمد فنقامة، على رأس القائمة، أيّد الأمين العام للحزب بالقضارف، مخرجات العملية في ندوة محضورة بميدان الحرية. كانت تجربة اختيار القائمة القصيرة لوالي ولاية القضارف، هي الطريقة الأفضل مقارنة بالولايات الأخرى، ومقارنة باختيار الوزراء الاتحاديين ورئيس الوزراء نفسه ، إذ اتسعت دائرة المشاركة، وتمت بالشفافية الأعلى، إذ تم نشر المعايير الأولية على الملأ في المواقع ووسائل التواصل الاجتماعي، وعقدت اللجنة الفنية حلقة نقاش بدار المعلمين للتفاكر حول المعايير، وصيغت المعايير النهائية، ونشرت لكافة الناس. وفتحت لجنة الفرز باب الترشيح للكل، ليس على أساس الكتل أو الأحزاب، بل على أساس فردي، وتقدم عدد ٥٤ طلبا للترشيح، واعملت المعايرة الأولية، والي أدت إلى استبعاد ٢٤ ملف، بمعظمها بسبب نقص المستندات المطلوبة، أدى ذلك لتقليص القائمة لثلاثين، ونُشرت لكافة الناس، وانفتح باب الطعون، وجرت عملية مفاضلة وغربلة لترسو على قائمة قصيرة من خمسة مرشحين. رفعت لجنة الفرز القائمة إلى تنسيقية قوى الحرية والتغيير، التي اكتفت بالثلاثة الأوائل وهم بالترتيب : الدكتور إسماعيل محمد فنقامة، الدكتور سليمان علي محمد موسى، الأستاذ الشيخ حسن فضل الله. أرسلت قحت القضارف القائمة الثلاثية إلى قوى الحرية والتغيير بالخرطوم. وكان الأمر في الخرطوم يخضع للمحاصصات، لذلك لم تسلم قحت الخرطوم القائمة الثلاثية لرئيس الوزراء، وإنما اختارت الدكتور سليمان علي لولاية القضارف، في إطار المحاصصات، وضمنته قائمتها الكاملة لكل الولايات، وقد ألقى ذلك ببعض الظلال السالبة على تجربة القضارف. لا يعني ذلك أن العملية خلت من الأخطاء ولكنها كانت الأفضل مقارنة بأي تجربة أخرى في ظل الثورة. لعل الخطأ الذي طفا إلى السطح الآن هو غياب معلومة مشاركة سليمان علي في فعالية بيعة وتكريم المؤتمر الوطني التي كشفها الفيديو . في فترة اختيار المرشحين انفتح باب الطعون، ولم يتقدم أحد قط بطعن في المرشح سليمان علي باعتبار أن له ثمة انتماء للمؤتمر الوطني، وقد كان باب الطعن مفتوحا لكل القوى السياسية والمدنية ولجميع المواطنين. وكان الطعن الوحيد الدي قُدم فيه هو التشكيك في سودانيته، وقد تم رفض هذا الطعن لتوفر للمستندات الداحضة. تتحمل أجسام قوى الحرية والتغيير التي شاركت في إدارة العملية، والمذكورة أعلاه، الجزء الأكبر من مسئولية عدم اكتشافهم لهذه الواقعة، ويتحمل التجمع الاتحادي، الذي حاصص بالخرطوم جزء كبيرا من المسئولية. وقد تكون هذه الواقعة، التي حدثت في العام ٢٠٠٩، قد غابت عن الكثيرين بسبب أن منسوبي القوى السياسية وكل الأجسام الفاعلة كانوا يقاطعون الأنشطة التي يشارك فيها المؤتمر الوطني، وخاصة الأنشطة ذات البعد القبلي. وكانت قد برزت بعض النزعات العنصرية في أعقاب ترشيح الدكتور سليمان علي، ولكن الخطاب الموضوعي المتجاوز للعنصرية استطاع أن يتغلب على تلك النعرات. ويلاحظ صعود الخطاب العنصري مرة أخرى بعد واقعة نشر الفيديو، ولا بد من خطاب عقلاني للتصدي له. إن الخطأ الجسيم الذي ارتكبه سليمان علي، لا يبرر محاولة البعض لتصويره بأنه كان عضوا ملتزما بالمؤتمر الوطني وأنه كان غواصة في المعارضة. بل يعتبر سليمان رجل عصامي من أسرة من عامة الناس، تخرج في الجامعة ، وعمل بالتدريس، وامتهن عملا تجاريا ، ليساعد أسرته، وليتمكن من التحضير، فنال درجة الماجستير ثم الدكتوراة. وعمل سليمان معلما بعدد من محليات الولاية، ثم اغترب إلى السعودية. وقد أخطأ سليمان وعليه أن يتحمل مسئولية خطأه، ويعمل على مواصلة حياته بما يخدم الوطن. لن تتوقف قوى الثورة المضادة من العمل على تخريب الانتقال إلى رحاب الدولة المدنية، في ظل مخاطر الصراعات السياسية، غير الموضوعية؛ لذلك على القوى الثورية والمواطنين الانتباه وتفويت الفرصة على الكيزان وقوى الثورة المضادة، وتجويد الأداء لإكمال الثورة . وإن ما حدث يجب ألا يتسبب في أن يذهب أمر المواطنين إلى. الغرف المغلقة بعيدا عن أعينهم .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
جعفر خضر
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست