عندما كان المُستعمر "يلعب" بالأراضي التي تقاسمها بعد إجتياحها و إستعباد الشعوب فيها كانت نظرته في مستقبلها -تلك الشعوب و أراضيها- و عنه تحتمِلُ أحد أمرين لا ثاني لهما؛ إما أنها نظرة طويلة الأمد "خبيثة" أو هي من قِلَّة فهم و جَهل بعادات و طبائع الشعوب المُستعمَرة! كلُّنا يعلم أمر "الحدود غير المُرَسَّمة" و الأراضي المُتنازع عليها بين دول ما بعد الإستعمار و نحن السودان منها. فالمُستعمِر "خَلَّفَ" بين الجميع و لهم تركة من "شرارات الحرب" كامنة قابعة لتُفجَّر في أي وقت! حتى داخل الدولة الواحدة لم يَغب عن خُبثِه -المُستعمر- أو غَبائه زرعُ أشكال من الفِتن! *
دولنا "الحديثة" التي نحتفل بإستقلالاتها جاعلين من "يوم الإستقلال" حدث تاريخاً و مُناسبة إحتفال شعبيَّة و رسميّة فهل حقاً نحن من داخلنا نشعر بالمعنى؟! هل فعلاً و صدقاً نحن نحتفل بالوطن الذي يجمعنا؟! فلماذا مازالت تجتاحُنا تلك النزعات القبليَّة و العنصريَّة و المذهبيَّة و الطائفيَّة و الدينيَّة حتى في أبسط النزاعات على الماء و الأرض بيننا؟ بل كيف نستسهل إزهاق الأرواح بيننا ثم نتكلَّم و نتشدَّق و نُنظِّر عن الوحدة و الأخوة و الدولة و الوطنيَّة؟! *
الجنوب الذي "انفصل" عن شماله و بعد اتفاقيَّة سلام شامل كان مضمونها "الوحدة" بعد سنوات من الحرب العنيفة الشرسة! ذاك الجنوب كان يحلم بأن يُكوِّن دولة مُستقلِّة مُستقرِّة فإذا به مازال يُعاني غارق في مآسيه و نيران صراعاته و "مع نفسه"! و "الشمال الذي تبقَّى" مثله لم يتغير حاله بل بات "مَوعُودٌ" بإنفصالات حَتميَّة وشيكة لهدمه السودان!
و نحن من ظلَّلنا نُمزِّق و نُقطِّع في البلد في نشوة و شهوة! إذ مازلنا و في سودان ما بعد الثورة نُمَارس نفس العادة من الرِهَان على تمجيد "غباء السَاسَة"! *
يومها إحتفلنا بإتفاقيَّة سلام قسَمَت البلد بل "استفتحت التقسيم" بعدها! و اليوم نحتفل بتنصيب حاكم إقليم و أغلبنا يُبصِرُ ما سيحدث بعدها. فالكلُّ حُقَّ له الإستقلال في سوداننا حتى من كثرة المُطالبين به أمسينا نظَنُّ أننا -الشعب- من يَحتلُّ بلادنا؟! *
فقط ما الحِكمَة من إقامة إحتفال التنصيب يا سعادة أعضاء المجلس السيادي في سوداننا؟! و لا الحكاية "حَفلَة" و السلام!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة