صديقي الفنان المبدع عبد المنعم المزاد تزمر عبر أحد منشوراته الإسفيرية من إحساسه بتكاثُر سنون عمره وإشاراته المتواترة لفراقه عالم (الشباب) والولوج إلى المرحلة العمرية التي تسمى (الكهولة) ، وقد تحسَّست نبرة الحزن في جملتهِ حين قال (بِقوا يقوموا لينا في المواصلات العامة) ، وللحقيقة وبإعتباري من الوالجين الجُدد إلى عالم ( الخمسينيات) وأنتمي إلى فئة من الناس ما زلوا يعانون فكرة التعايش مع (بدايات) خروجهم من عالم الشباب إلى مرحلة عمرية (أخرى) ، لا أسميها الكهولة ولكن رفعاً لروحي المعنوية أطلق عليها مصطلحاً جديداً بين قوسين وأسَّميها (الرجولة) ، ما زلت أتوتَّر وأندهش وأستغرب حين ينعتني بعض الشباب والشابات بكلمة يا (عمو) وتارةً أخرى يا (خال) ، سبحان الله قبل زمان قصير كنا ننادي معظم من يكبروننا بنفس المصطلح ، وذلك يعني أن السنين تمضي ونحن نخوض في متاهات الحياة ولهثنا وراءها الذي لا ينقطع ، أقول هذا وأنا أُشفق على آمالٍ كثيرة أخشى أن لا يسعفنا الزمان لنراها حقيقةً ماثلة أمام أعيننا ، ولله في أحكامه وأقداره شئون لا ترتقي عقولنا ولا نفوسنا إلى فهمها وتفسيرها ولكننا رغماً عن كل شيْ لا تنقطع أحلامنا ولا آمالنا عن المثول في خيالاتنا الصاخبة بزيف الدنيا الزائل ، أما آمالنا الدنيويه الخاصة فالله سبحانه وتعالى قادرٌ عليها إن عشنا أو متنا ، فالله وليُّ التدبير وهو الرزَّاق الكريم ، غير أن في نفسي ونفوس آخرين الكثير من الطموحات والآمال (العامة) المتعلِّقه بمستقبل أجيال قادمة هم في حقيقة الأمر أبناءنا وبناتنا الذين سيرسمون لوحة المستقبل ويبنونها واقعاً حقيقياً ماثلاً أمام أعينهم عبر تطلُّعاتهم في الحصول على (حظ ٍ) في الحياة أوفر من ما حصل عليه جيلنا ، أحلامنا لهم أن يمارسوا طقوس الحياة بتفاصيلها كلها وهذه البلاد قد حُسم فيها أمر الهوية والمواطنة ، وتواثق فيها كل الفرقاء على دستورٍ جامع يُحسم بواسطته أمر التداول السلمي للسلطة والإقتسام العادل للثروة ، فضلاً عن إعتماد ثقافةٍ جامعة لمبدأ الإعتراف بالآخر وإفساح المجالات المُتاحة لصالح عدالة التعبير الثقافي والإثني والحضاري والسياسي ، وأن يُحل لُغز التوجُّه الإقتصادي الأمثل لبلادنا وِفق موجوداتها وإمكانياتها الحقيقية من الثروات والموارد ، وأن يعُم العدل بالقانون الذي أساسه المساواة والحساب ودفع ثمن الأخطاء والقضاء على الفساد بحكم القانون والقدوة الحسنة لسلوكيات القيادات وذوي المناصب والسلطان والنفوذ ، وأن يُكلَّف بأمر المسئولية على شتى إتجاهاتها وأنماطها وفق إشتراط الكفاءة والأمانة والتأهيل ، وأن ترجع للدولة هيبتها وقداستها عبر إضطلاعها بتوفير الخدمات الأساسية كالتعليم والصحة و(الأمان الإجتماعي) ، والإنكفاء على توفير سُبل العيش الكريم لكافة أبناء شعبها دون تحيُّزٍ ولا تمييز ، مَن يا ترى يا أبناء جيلي سيسعفهُ العمر ليرى هذه الآمال مُحقَّقه وماثلة في أرض الواقع ؟ ، أنا شخصياً ليس لدي مانع من الإنتظار حتى لو ناداني أحدهم في قارعة الطريق (يا جدو).
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة