أنا لا اعرف كلا الرجلين، لا اردول ولا دوسة، ولكنني استغرب فقط من السيد دوسة، كشخص يعتبر نفسه مستشاراً قانونياً، كيف انه استخدم اسلوب لا يتبعه حتى العرضحالجي عندما يكتب عريضة دعوى مدنية ناهيك عن كتابة بلاغ جنائي أو حتى مقال تُكال فيه الاتهامات. السيد دوسة، يبدو انه يعاني من ازمة مفاهيمية تجاه التمييز بين مقال سياسي ومقال قانوني. لقد قرأت مقال دوسة (المدبج بترجمة جمل باللغة الإنجليزية كنوع من منح الموثوقية وتمويه وخداع القارئ الذي يجب أن يصدق بان ما يقوله دوسة له علاقة بالقانون)، وفي الواقع لا علاقة لهذه الورجغة بالقانون، لا من قريب ولا من بعيد. دعونا نبدأ اولاً بملاحظة مهمة؛ وهي انك حين تُبدي رأياً قانونياً، يجب ان تحدد محل هذا الرأى؛ أي ان تحدد ما الذي تتحدث عنه ابتداءً. قرأت المقال بأكمله ولم أجد اهم ما يحدد لنا المسار القانوني وهو طبيعة الجريمة المقترفة، والقانون الذي وردت فيه ومادته. فدوسة لم يورد لنا شيئاً عن الجريمة التي اقترفها اردول، ولا القانون ولا المادة، وهذه اهم نقطة. لماذا هي اهم نقطة؟ ببساطة لكي نعرف اركان هذه الجريمة كما حددها القانون، ومن ثم نقوم باستدعاء الوقائع والملابسات ونقوم بمطابقة تلك الوقائع بأركان الجريمة التي حددها القانون، فإذا حدثت (المطابقة الجنائية) حكمنا بالإدانة، وإن لم تتطابق، حكمنا بالبراءة (أو بجريمة أخرى توافرت أركانها اثناء تحقيقنا في الجريمة الاولى). ولكن ان تكتب مقالاً تزعم أنه (قانوني)، ثم منذ بدايته وحتى نهايته لا نعرف عن أي جريمة تتحدث، مذيلاً الخاتمة بمستشار قانوني، فهذه مشكلة، إن كان دوسة لا يعلمها فهي طامة وإن كان يعلمها فالطامة اكبر لأنه هنا يستخف بعقل القارئ ويجعل قلمه خفيف الإستدلال والتمحيص. ثم انه وبعد هذا كله يتحدث حديث العوام فيقول مثلا الاقرار سيد الأدلة.. وأقل طالب قانون في سنة أولى يعرف أن (الاعتراف وليس الإقرار) لم يعد سيد الأدلة، ولذلك فإن القاضي حتى لو اعترف المتهم قد لا يقضي بالإدانة في احوال كثيرة. لقد انقضى عهد الاعتراف سيد الادلة، منذ القرن التاسع عشر، بعد السمعة السيئة لما يسمى بمحكمة غرفة النجم The Star Chamber في المملكة المتحدة، ونشأ مبدأ الحق في الصمت وعدم تجريم الذات،...الخ من مبادئ خففت من غلواء مبدأ الاعتراف سيد الادلة، فهناك من يعترفون تحت الإكراه (المادي) او الإكراه (المعنوي والادبي)، وهناك من يعترف اعترافاً كاذبا ليقي أحد اقاربه من المسؤولية، وهناك من يعترف لأن الضغوط الإعلامية والمجتمعية جعلته يعتقد بالفعل انه قد ارتكب جريمة.. وهكذا أخذ دوسة يرسل الكلام على عواهنه، لا نعرف رأسه من قدميه. ويتحدث عن ادلة ولكن ادلة لأثبات اي جريمة؟ لا نعرف. لم يطرح الجريمة.. لم يطرح اركانها.. لم يطابق بين النص والواقع.. ولكنه يتحدث عن ادلة.. ما هذه الورجغة بالله عليكم..واي استشارات يقدمها دوسة، ولمن يقدمها..؟ لا.. بل يستمر ويتحدث قائلاً:(هذه الجزئية غير منتجة في التكييف القانوني لتصرف أردول).. ولا اعرف عن اي تكييف يتحدث، فهو منذ اول كلمة وحتى آخر نقطة في السطر لم يحدد لنا التكييف القانوني عبر تحديد السلوك والنتيجة وعلاقة السببية كركن مادي لجريمة ما...ما هي هذه الجريمة اولاً لكي نعرف إن كانت تلك الجزئية منتجة أم غير منتجة؟ ثم يتحدث عن انه (ليس من المهم قانوناً ان يكون التاثير فعليا).. اي قانون طيب؟ وأي مادة؟ عن اي شيء يتحدث المستشار دوسة يا قوم؟ ثم يتحول دوسة من مستشار قانوني لمستشار إداري ويتحدث عن الاخلاق الإدارية.. المهم حتى لا أطيل على القارئ ولا على نفسي في هذا المقال الممل. اطلب من السيد دوسة فقط أن يحترم عقول قرائه، فليسوا كلهم جهلاء يمكن الإحتيال عليهم بجمل انجليزية فارغة القيمة. فهذا اشنع اخلاقياً مما فعله اردول.. ربنا يخلصنا من هذا البلد .. سئمنا يا الله..سئمنا..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
أمل الكردفاني
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست