لدينا مثال مهم جدا عن صبر ام سليم عندما مات ابنها ورجع زوجها لم تخبره بموت ابنه بل عندما سألها عنه قالت له انه اهدأ مما كان بل صنعت لزوجها العشاء ثم تزينت لزوجها فواقعها وفي الصباح قالت له: يا أبا طلحة، أرأيت لو أن قوماً أعاروا عاريتهم أهل بيت فطلبوا عاريتهم ألهم أن يمنعوهم ؟ قال لا فقالت فاحتسب ابنك فغضب منها وذهب فاخبر النبي (ص) فدعا لهما بالبركة فحملت من تلك الليلة +++ لو اقمنا مقارنة لموقف تلك المرأة مع مواقفنا نحن الآن تجاه الموت لوجدنا المسألة مختلفة 180 درجة نحن نواجه الموت باستدعاء كل ما نستطيع من جزع وحزن وصراخ وعويل ومناحات ونقيم السرادقات بالايام والاسابيع نتلقي العزاء ونجدد الحزن يوما بعد يوم ونعد الولائم وجميع اصناف الاكل والشراب كأننا في احتفال!!!!! وتلقي العزاء ليس له مدة فحتي بعد ان يتم رفع الفراش الناس تأتي الي بيت المرحوم بل ويذهبون هنا وهناك لمقابلة اقارب المرحوم اولاده واخوته وزوجته
من المقولات السائدة عندنا نقول: "البكا بحرروه اهله" وفعلا كلما جاء فلان كأنما يعاد الحزن والبكاء من جديد رب مغترب رجع بعد شهر او شهرين او سنة او سنتين بعد فقد احد افراد اسرته فيقال لك ان فلان أعاد ألمأتم من جديد ونحن نجدد الحزن في اول عيد بعد موت المرحوم واهم ما يفعلونه يوم العيد هو زيارة المرحوم في قبره ذلك بعيد الصلاة بل ربما قبلها وربما يشدون الرحال مسافات طويلة لزيارة المقبرة!! ويرشون الماء علي سطح المقابر!! والناس يظلون يقدمون العزاء بعد سنين احيانا بعد عشرة سنوات يلتقي اثنان فيقول للاخر "انا ما اديتك الفاتحة في فلان" واحيانا يشيل معاك زول الفاتحة ثم تسأله "في منو؟؟" فيذكرك بموت قريبك فلان وانه كان مسافر طوال فترة كذا الي اخر السخافات التي نفعلها في موضوع الموت والعزاء والفواتح!!!ٍٍ +++ في مرة من المرات كنت اتحدث الي احد اصدقائي من احد قري الجزيرة كنا نقارن بين الحياة عندهم وعندنا هنا في الخرطوم فقال لي ان الحياة عندهم افضل في كل شئ ما عدا في عاداتهم في العزاء و"الفواتح" حتي انه ينطق كلمة "الفواتح" باستهجان شديد قال لي هناك يوميا يكون لديك "واجب" عزاء ومرات يكون في اليوم اكثر من "واجب" لان علاقاتهم متشابكة علاقات الدم والمصاهرة بينهم وبين القري المجاورة وحتي البعيدة في كل هذه العزاءات لازم يذهب هو وجميع افراد اسرته طبعا هناك "مجاملة مالية" وهناك تكاليف السفر قال لي كل مرة نحن نبحث عن البكاسي والدفارات بالتلفون بوكس فلان ودفار فلان
باختصار انا حفظت عبارة مهمة عنه قالها في قمة الاستياء والتبرم: "ترا قروشنا كلها ضايعة كدي وحواشاتنا وزراعتنا ذاتا اهملناها وبقينا جارين ورا الفواتح"!!!!! !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!! اظن مافي كلام بعد كلام ذلك الصديق
وهناك ملاحظة مهمة اخري متعلقة بموضوع الذهاب الي العزاءات ان الناس يكونون في حالة مجنونة من الاستعجال فهم لازم يحضروا الدفن او يأتوا بعده بقليل! المهم ان يظهروا انهم جاءوا باعجل ما يمكن!! وبسبب هذا الاستعجال تحدث مصائب وحوادث تخيل ناس يكونوا في الليل وتحت المطر يريدون ان يقطعوا مئات الاميال وسط الترع والحواشات واحيانا يتحرك البعض بسيارات غير جاهزة وقد يمكثوا ساعات وساعات للاصلاح وربما يجتهدوا فيغيروا العربة ويستأجروا اخري بمبالغ كبيرة والأسوأ حوادث الحركة التي تحدث بسبب العجلة وهذه معروفة للجميع وهناك الاف الحكايات!!
اثناء حظر كرونا قال لي احد باعة الخضار باستياء ان سفرة واحدة البلد لعزاء تكلفك ما تكسبه في اسبوعين فما بالك بمن يشتغلون كعمال يومية وغيره يعني ربما تكلفه تلك السفرية مرتب شهرين او ثلاثة!! وحدث ولاحرج عن الاموال التي دفعها المغتربين الغرامات الكبيرة علي فرضت علي التنقل الاف الريالات هذا غير ما يدفعونه للخطوط الجوية + نرجع لسيرة الصحابية ام سليم وكيف تعاملت مع موت ابنها هي لم تولول وتصرخ وتلمّ الناس مع انه مافي احر من الجنا وخاصة بالنسبة للأم وليس هذا فحسب بل انها حضّرت واحضرت العشاء لزوجها واخذت تتزين وتتجمل وتضاحك زوجها حتي واقعها!!!! اليست هي امرأة؟؟؟!!! الم تكن مشاعرها رقيقة؟؟؟!!! لم يرد في سيرتها انها كانت امرأة غير عادية او انها كانت متحجرة القلب - مثلا نعم كانت لديها مواقف بطولية ولكن هذا لا يتناقض مع المشاعر .. كيف استطاعت الا تظهر الحزن والسؤال الاهم: هل ذلك في استطاعة كل الناس ؟ والسؤال الاكثر اهمية: هل مطلوب اخفاء الحزن ام اظهاره؟ وهل مطلوب تقصير مدته ام تطويلها؟
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
محمد سمنّور
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست