تكرمت احدي الاخوات في السوشل بمحاولة توضيح الفرق بين قوله سبحانه وتعالى: (وأما بنعمة ربك فحدث)، وقوله صلى الله عليه وسلم: (استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان)؟ وكذلك قوله الله تعالى حكاية عن يعقوب عليه السلام: (لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْدًا) وذكرت انه يمكن أن يكون الكتمان المأمور به في الحديث قبل الحصول على الحاجة المطلوبة ولكن بعد الحصول عليها يتحدث بها من باب الشكر لنعم الله تعالى - وقد ادليت بتعليق حول الموضوع وقلت ان كثير من الناس فاهمين غلط فلا تعارض في القرآن ولا في السنة الصحيحة ولا تعارض بين القرآن والسنة ولكن دائما تكون هناك مشكلات في فهمنا نحن
فالتحدث بالنعمة لا يتعارض ادني تعارض مع حديث الكتمان المشهور في تفسير "التحدث بالنعمة" الذي ورد في سورة الضحي هو تفسير البخلاء الامر ليس كذلك بالمرة ليس المقصود اصلا ان يتكلم المرء ويخبر الناس ان الله انعم عليه بكذا وبكذا لا ..لا .. انما المقصود بالتحدث بالنعمة هو ما ذكره العالم المصري المفسر احمد مصطفي المراغي رحمه الله جاء في تفسيره: "(وأما بنعمة ربك فحدث) أي أوسِع فى البذل على الفقراء بمالك، وأفض من نعمه الأخرى على طالبيها، وليس المراد مجرد ذكر الثروة والإفاضة فى حديثها، فإن ذلك ليس من كرم الأخلاق فى شىء" -- ولكي يتضح المعني اكثر نورد حديثا جاء بمسند الامام احمد عن أبي هريرة، قال: كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في نخل لبعض أهل المدينة، فقال: (يا أبا هر، هلك المكثرون، إلا من قال هكذا وهكذا وهكذا - ثلاث مرات: وحثا بكفيه عن يمينه وعن يساره وبين يديه -، وقليل ما هم)، وفي رواية: (هلك المكثرون، إن المكثرين الأقلون يوم القيامة، إلا من قال بالمال هكذا وهكذا وهكذا، وقليل ما هم) -- ان معني قوله تعالي: (واما بنعمة ربك فحدث) يتضح بصورة جلية حينما نقابل الآية بقوله (ص): (من قال بالمال)؛ فما ورد في القرآن: "التحدث بالنعمة" يقابل: "القول بالمال" الذي جاء في الحديث، فالمراد هو العطاء وليس غيره، وهو ما يتناسب مع الوحدة البنائية للسورة، لان السورة منذ مطلعها تتحدث عن عطاء الرب وان النبي كان يتيما وعائلا وامره ان يعطي اليتيم والسائل ويحدث بنعمة الله
فما معني ان لا يقهر اليتيم؟ ولا ينهر السائل؟ ماذا يفعل لهما؟ الاجابة ان يحدث بنعمة الله اي ان يعطيهما - ومع ان التفسير الذي قلناه لم نأت به من عندنا وانما هو قول بعض العلماء ولكنّا كنّا قد لاحظنا ان التفاسير التي يرجحها علماء اليوم لا تتلائم مع ما ذكر في السيرة فالآية تخاطب النبي في الاساس فالسيرة تقول ان النبي (ص) عاش عيشة المساكين مع انه كان واسع الدخل لكنه كثير التصدق حتي انه لا يبقي شيئا في بيته ينام علي الحصير ويجوع الشهر والشهرين ويفطر علي الماء والتمر - فالتفسير المبسط للسورة بعبارة موجزة: ان الله سيعطيك فاعط وكان هذا ببساطة ما يفعله النبي هذا كان مبدأ الاقتصاد عنده عليه الصلاة والسلام == مواضيع ذات صلة: مراجعات اسلامية: الأدب الرباني ومبادئ الأقتصاد النبوي بقلم محمد سمنّور https://sudaneseonline.com/board/505/msg/1604086774.html
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة