هل هذا مستبعد؟ أبداً فنحن تحديداً نشاهد نفس عمل الكيزان، نفس اعتقالات الصحفيين والثوار وتكميم الأفواه. ما حدث فقط هو أن البشير فقط بعيد عن الصورة. ولكن من يحكموننا اليوم هم الكيزان، لا جدال في هذا. فالبرهان ابن الكيزان، وكباشي، وحميدتي، بل حتى حمدوك هو صنيعة جهاز المخابرات القوشي والذي تم تلميعه في يوم واحد فقط. فما الذي تبقى سوى أن الجمهورية الكيزانية الثالثة هذه قد اعلنت رضوخها لصندوق النقد، دون اي فعل على الارض. بل وتعمل نفس القوات النظامية (امن، شرطة، جيش، كتائب حنين) على قمع المتظاهرين، والاغتيالات والقتل والسحل، بل والأسوأ انها تنتحل اسم الثورة والثوار لتحصل على شرعيتها المفقودة. لقد ذكرني ذلك بتحذيراتي للمحامين إبان انتخابات نقابة المحامين قبل سقوط النظام. أنا اخشى دائما من منح الشرعية على طبق من ذهب؛ لقد طالبت المحامين بعدم المشاركة في انتخابات الكيزان، لكن الشيوعيين وكعادتهم في التهافت، صرخوا وقالوا سنشارك وسنسد منافذ التزوير، وأعلنوا أنهم سدوا منافذ التزوير. ثم حدثت الطامة.. لقد انهزموا شر هزيمة، وهزمونا معهم بلا سبب سوى التهافت الأعمى، وانتصر الكيزان، وحصل انتصارهم على الشرعية المشبعة (تاني بتقدر تقول تزوير؟.. قوم يا عاطل). وهذا ما حدث في هذه الثورة. وها هم العواطلجية والأرزقية اضحوا ينعقون بأنهم حكومة الثورة، ليمنحوا انفسهم الشرعية الكاذبة، وهذا ما كنا نخشاه ونحذر منه. دخلوا عبر تجمع الوهميين، وعبر تهافت الشيوعيين، وعبر دراهم الإماراتيين، وعبر تخطيط المخابرات، واستلموا السلطة. وهكذا لم يحصلوا فقط على السلطة بل السلطة بشرعيتها، والشعب اليوم ومنهم الثوار يدفعون ضريبة انسياقهم وراء هؤلاء الكذبة المضلين الضالين. وها هي الرصاصات تضرب الجماجم، والبمبان يجرح الخياشيم، والفقر والعوز، والمرض يستشري، والاسعار ترتفع. إنهم يؤدبوننا أدب المدايح (ولا اعرف ما معنى أدب المدايح بالتحديد). المهم أنهم يؤدبوننا لأننا وقفنا ضدهم، ولأننا ثرنا عليهم، ولأننا فضحنا مؤامراتهم التي لا زالت مستمرة. والله على ما اقول شهيد، نحن الآن تحكمنا عصابة لا تعرفون أسرار إجرامها. ولا تعرفون ما يتم رسمه تحت الأرض من مخططات، ليزحف أبناؤهم مستحوذين على الثروة والتمكين لهم في مفاصل الرأسمالية. لكن من نخاطب؟ فهل اسمعت إن ناديت حيا؟ المخدوعون كثر، والحق يقال، بأن أصحاب البصيرة والعقول النيرة قلة ممن يملكون الرؤية وسط البهرج الخداع..فأغلبية البشر كحبيبة كاظم الساهر..ينحرفون من طرق الحقيقة إلى طرق الزيف..فأنى ينتصرون؟
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة