ما أفضت إليه سلبية حمدوك هو التفاف كل القوى السياسية حول الحركة الإسلامية من جديد. وهكذا انهارت حماسة الثورة الأولى (بفعل فاعل) هو السيد حمدوك، الذي أفضت عدم فعاليته إلى عودة الحركة الإسلامية من جديد إلى الواجهة والتجاء كل القوى السياسية لها. فمؤخراً تجمعت الحركة الإسلامية تحت منظومة ما يُسمى بالحراك السوداني الجامع الذي يضم كل من (المؤتمر الشعبي+موسى هلال+ الطيب السباعي) والطيب السباعي على ما رشح من بقايا منظومة الاتحاد الاشتراكي المايوي البائدة ولا أهمية ولا ثقل له على الأرض. موسى هلال يتحرك تحركات مكوكية مع القوى الفاعلة والأكثر تنظيماً، وأقواها طبعا المؤتمر الشعبي، الذي أنقذته مفاصلته من تحمل مسؤولية إنحطاط الدولة، بسبب تصرفات عرابه التي أفضت إلى الوضع في لائحة الإرهاب، ومحاولة اغتيال حسني مبارك وتوفير المأوى لبن لادن وكارلوس..وغير ذلك من بلاوي، حينما لم يكن البشير يملك أمر نفسه. وجاءت المفاصلة كشر وهي خير للترابي وأتباعه في الواقع، فتورط البشير في بلاوي الترابي وأنصاره. ثم جاءت الثورة وأجهزت على الفاعلين الصوريين (المؤتمر الوطني) وتركت الفاعلين الأصليين (المؤتمر الشعبي) بعد أن سقط منهم قتلى طوال زمن الثورة وحتى اليوم. فالمؤتمر الشعبي -حتى الآن- هو أكثر من قدم شهداء في الثورة، خلافاً للشيوعيين والبعثيين الذين لم يسقط منهم شهيد واحد. واثر اكتشاف الشيوعيين للخدعة التي تعرضوا لها واكتشفوا أن من جاء بحمدوك قوى لا قبل لهم بها، احترق الحزب الشيوعي احتراقاً كاملاً ولحس ماضيه ضد الامبريالية والتحرير الاقتصادي، لم يعد في الساحة من تنظيم قوي سوى المؤتمر الشعبي. وهكذا حدث ارتماء من القوى الصغيرة حوله. ولم يجد موسى هلال سوى المؤتمر الشعبي ليرتمي في أحضانه عبر تحالف هش هو الحراك السوداني الجامع. موسى هلال تحت المجهر: موسى هلال تحت مجهر حميدتي، ولذلك فتحركاته لا بد أن تظل تحمل طابعا سياسياً مدنياً فقط، لوضع نفسه في بؤرة الفعل بدلاً عن رد الفعل. غير أن هذا لن يستمر طويلاً إذا عاد إلى الحاضنة الإسلامية متخلياً عن القوى الأخرى. القوى الأخرى نفسها ضعيفة، ومنقادة إلى أوامر الإمارات (الوكيل الحصري لإسرائيل في المنطقة) وامريكا. وبالتالي فهي وإن كانت قد حققت فوائد لبعض أعضائها من مناصب أو وظائف، فهي في الواقع تحرق نفسها، وتتخلى عن أي منافسة مستقبلية عبر انتخابات حقيقية. لقد قام حمدوك بحرق الأحزاب كلها منذ اول يوم لحكمه، حينما اتهم قحط بأنها لم تقدم له أي برنامج اقتصادي. فجقلبت أحزاب قحط جقلبة القرد الذي حاصرته الضباع. وهكذا أصبحت عبد المأمور، بل وأزداد كره الشعب لهذه الاحزاب. في الواقع؛ اليوم تحديداً، لا توجد أحزاب تحكم، بل توجد أحزاب ديكورية، لحكومة دكتاتورية بحماية السلاح البرهاني ودعم الإمبريالية الانجلو-أمريكية. لا يوجد شيء اسمه قحط اليوم. لقد انتهت هذه الاكذوبة، ولكنها لم تفقد كل أهميتها، وخاصة لتمنح أمريكا المصداقية الكافية عندما تتحدث عن الحكومة المشتركة (العسكرية والمدنية). في الواقع لا توجد حكومة عسكرية مدنية بل حكومة عسكرية تحمي ضباط الاستخبارات الأجانب. اشبه بتحالف الزبير باشا مع الأتراك. وبما أن أحزاب قحط قد أحترقت فليس أمام موسى هلال (وغير موسى هلال) سوى الحركة الإسلامية وتحديداً المؤتمر الشعبي. فهل سينجح هذا التحالف في تهديد تحالف (البرهان والغرب)؟ بالتاكيد لن ينجح، ولكنه سيضع موسى هلال في الصورة. ولكن على موسى هلال أن يتذكر بأن البرهان والغرب لن يحتاجو لتلويث أيديهم بدمه، فهناك أعداء كثر يمكن ان يؤدوا هذه المهمة بالوكالة عن طيب خاطر.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
أمل الكردفاني
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست