ظلت (قيادة) الجيش حكراً على أبناء الشمال. وهذه حقيقة يجب عدم إنكارها. لذلك فالنتيجة المنطقية ليست دمج قوات الدعم السريع والحركات بالجيش، بل إعادة بناء الجيش برمته، ليكون قومياً بالفعل. نحن نعرف أن الجيش لن يقبل بدمج المليشيات داخله، لأن الضباط سيرون ذلك عدواناً على تاهيلهم العسكري في الكلية الحربية، عندما يضاف إليهم ضباط لم يحصلوا على ذات التأهيل. سيقبل الجيش دمج الجنود، وربما -في أفضل الفروض- ضباط الصف، ولكن ليس أكثر من ذلك. أي أن الجيش سيحمي نفسه من خلال استغلال مسألة التأهيل العسكري، وهكذا تصبح قوات الحركات والدعم السريع امتداداً للماضي، كمورد للجنود المقاتلين، وليس بضباط لديهم سيطرة متساوية مع الضباط الشماليين على القوات المسلحة. وهكذا نعود لنقطة الصفر. لذلك فالحديث عن إعادة الدمج ليس سوى ذر للرماد في العيون، وتحصيل حاصل. إذا أردنا بالفعل منح العرقيات والأقاليم الاخرى حقوقها متساوية مع الشمال، فيجب أن يكون النقاش أكثر جدية من هذه المتاجرة الرخيصة بقضايا العدالة العادلة. في عام ٢٠١٢ تقدمنا صفوف المتقدمين بالقضاء العسكري، وفي النهاية ورغم نيلنا للدرجات الأولى في الامتحانات البدنية والشفوية والتحريرية، تم اختيار أشخاص أقل درجات لمجرد انتماءاتهم للشمال مع تطعيم صغير بشخص أو شخصين من الهامش (كباشي صغير). ولذلك لا أمل في الجيش ليكون قومياً، إن لم تتم إعادة بنائه لا ليشمل فقط قوات الغرب والجنوب والجنوب الشرقي؛ بل حتى الشرق والوسط. ولو وقع عبد العزيز الحلو على الإتفاق الراهن بينه وبين الجيش، وقام حميدتي بقبول دمج جنوده بجنود الجيش فلن تكون هذه نهاية حميدتي ولا الحلو فقط بل ستكون نهاية نضالات عقود من أجل دولة قومية وجيش قومي. ظلت الدساتير وقوانين القوات المسلحة تنص دائماً على قومية القوات المسلحة، غير أن هذا لم يحدث أبداً على أرض الواقع. لقد كانت دائماً تلك القوات امتداداً لقوات الزبير باشا كما صنعها الإنجليز. وآن أوان تغيير كل ذلك. هذا أو الطوفان..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة