خلال الحرب النفسية التي شُنت ضد الأقاليم المنهوبة منذ الإستقلال لتقويض أي شعور بالثقة في النفس لدى شعوب تلك الأقاليم، خلال تلك الحرب، نما إلى جانب ذلك الشعور إحساس بعدم القدرة على إدارة التنوع في تلك الأقاليم. لقد تحملت تلك الأقاليم كل أخطاء ومثالب صراعات الحكومات الشمالية منذ الإستقلال وحتى اليوم وقد آن لهذه الأقاليم أن تتخلص من تبعات حكم الشمال، والأعباء التي ألقيت على كاهلها بسببه. إن إدارة التنوع وهندسة المجتمع، وتأسيس منظومة إدارية وقانونية ليس شيئا صعباً. فحتى في أكثر الأقاليم تعقيداً مثل دارفور، يمكن بناء دولة كاملة الدسم، بكل ما تحتاجه من أركان دستورية وقانونية وإدارية ومالية، وإدارة التنوع بكل سهولة. إن الشرق لو استقل يمكن أن يصبح مثل دولة الإمارات، بقليل من التنظيم القانوني والإداري، أما دارفور، والتي يتم إشاعة أنها لن تهدأ أبدا لو استقلت(حرب نفسية)، فهي على العكس من ذلك تماماً، إن دارفور ليس فقط بإمكانها أن تستغل كل ثرواتها، وأن تتأسس كولايات متحدة فقط، بل أنها تستطيع وخلال عشر سنوات فقط أن تجذب إليها ولايات كردفان أيضاً لتدخل في التحالف. إن الحكومات في المركز هي التي تختلق الصراعات من باب "فرق تسد"، ولم تعمل أبداً بجدية على رتق النسيج الإجتماعي. ولو عملت من أجل ذلك بروح مخلصة، لشارك أهل دارفور في الحكم سواء بسواء وكتفاً بكتف مع غيرهم. دعوني أقول أن جبال النوبة مثلاً ليس من الصعب أن تتحول لدولة سياحية بلا منازع، وسائر مناطق الجنوب. ويمكن بناء تحالف على شكل هلال يمتد من شمال دارفور مروراً بجنوب كردفان والنيل الأزرق وولايات الشرق، كولايات متحدة كونفدرالية (الهلال الأخضر). أعتقد أن شعوب تلك المناطق المهمشة أخذت الخبرة الكافية من مآسي الصراعات التي تم اختلاقها بين مكوناتها الداخلية، وستحاول بجد بناء ولايات متحدة قوية، بها قوة الغرب وعنفوانه وخصوبته وانفتاح الثغر الشرقي على المسطحات المائية الدولية. ويمكن لكل إقليم مستقل تكوين برلمانات حقيقية وبدموقراطية لا تصادر على امتيازات القيادات الأهلية، عبر الضبط الثقافي والهندسة الإجتماعية داخل إطار دستوري وتشريعي شامل ويحترم كل الفئات صاحبة المكتسبات التاريخية، تماماً كما حدث في ماليزيا. آن الأوان لتلك الأقاليم أن تفكر بجدية في الخروج من أزمات حكم الشمال، والنأي عن تاريخه البائس، لتتفرغ تلك الأقاليم لبناء نفسها، وتستغل مواردها الهائلة في دعم التنمية ورفع كفاءة إنسانها، وتعزيز الرفاهية الفردية والعامة. وإنني شخصيا أتبرع (مجاناً) لأي إقليم بوضع منظومة شاملة له لبناء دولته المستقلة بكل كفاءة إذا رغب أي إقليم في ذلك.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
أمل الكردفاني
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست