لقد ظل قانون الدعم السريع محل تكتيم إعلامي منذ صدوره عام ٢٠١٧ بل لم يتم حتى إدماجه في تطبيق قوانين السودان في ذلك الوقت. وهذا القانون به تناقض غير مفهوم؛ ففي المادة الخامسة تم إخضاع قوات الدعم السريع لقانون القوات المسلحة لسنة ٢٠٠٧ ولكن في حالة الطوارئ فقط. أما الفقرة الثانية من ذات المادة الخامسة فأجازت لرئيس الجمهورية أن يدمج قوات الدعم السريع بالقوات المسلحة المسلحة وتخضع عندئذ لقانون القوات المسلحة لسنة ٢٠٠٧. وهذه المادة بفقرتيها تشير إلى استقلالية الدعم السريع عن القوات المسلحة، رغم أن القوات المسلحة والدعم السريع خاضعان كلاهما للقائد الأعلى (رئيس الجمهورية). ولكن الغريب أن المادة السادسة (أي المادة التالية للمادة الخامسة) نصت على أنه: تُنشأ قوات تسمى قوات الدعم السريع (تتبع) للقوات المسلحة وتعمل تحت إمرة القائد الأعلى. وهناك ملاحظتان: الملاحظة الأولى: هو أنه من حيث حسن الصياغة كان من الأوفق أن تكون المادة السادسة المتعلقة بنشأة قوات الدعم السريع سابقة على المادة الخامسة. اما الملاحظة الثانية: فالمادة السادسة عادت واعتبرت قوات الدعم السريع تابعة للقوات المسلحة. وهذا بالضرورة يعني أنها تخضع لقانون القوات المسلحة. وهذا تناقض مقصود. لقد كتبت عن محاولات إخفاء قانون الدعم السريع في ذلك الوقت، وأشرت إلى أن المقصود من ذلك هو منع تناول هذا القانون بالنقد. فلماذا أضطر البشير أساساً لسن هذا القانون. لقد كان هناك ضغط دولي وداخلي ضد مليشيات الدعم السريع، خاصة بعد اعتقال السيد الصادق المهدي إثر حديثه المنتقد للدعم السريع السريع. وكان لابد للبشير أن ينفي لا قانونية هذه المليشيات بوضعها داخل نظام قانوني. غير أن الجيش ما كان ليقبل أن تُدمج فيه قوات لم تتأسس وفق قانون القوات المسلحة. الإشكالية، أن البرهان وبمجرد تسنمه لقيادة المجلس العسكري قبل تشكيل مجلس السيادة، قام بإلغاء المادة الخامسة التي تجعل الدعم السريع مستقلاً عن القوات المسلحة، مبقياً على المادة السادسة التي تجعل الدعم السريع تابعاً للقوات المسلحة. وهذا يعني بالضرورة أن الدعم السريع يخضع لقانون القوات المسلحة، أو...أن الدعم السريع ما عاد بالإمكان إخضاعه لقانون القوات المسلحة وفقاً للإستثناء الوارد بالمادة الخامسة. وهذا يعني أن وضع الدعم السريع لا زال غامضاً. فحتى المادة الرابعة والثلاثون من الوسيخة الدمورية، لم تحسم هذه المعضلة. الآن؛ وبحذف المادة الخامسة هل يمكن القول بأن قوات الدعم السريع صارت مستقلة تماماً عن القوات المسلحة بحيث لا يمكن دمجها حتى من قبل القائد الأعلى للقوات المسلحة (بافتراض أنه البرهان)، أم انها اندمجت مباشرة بالقوات المسلحة بإلغاء الاستثناء المتعلق بإخضاعها لقانون القوات المسلحة في حالة الطوارئ. السودان اليوم تحكمه آلهة الأوليمب بكل صراعاتها حول مصالحها، غير أن الفرق هو أن آلهة الأوليمب كانت تتصارع حول الحب والغيرة، وهؤلاء يتصارعون حول المال والسلطة صراعاً دموياً ملؤه الإجرام ورائحة الدم.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
أمل الكردفاني
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست