ها هي الأيام تمر، الكهرباء تقطع في الثامنة صباحا وتعود في العاشرة، ونشكر شركة الكهرباء على تفهمها لحاجتنا إلى النوم بالليل تحت درجة حرارة تقترب من الأربعين ومع سيمفونيات البعوض الجنائزية. كما نشكر شركة الكهرباء أيضاً على دراستها المستفيضة للكائن السوداني، الأقل انتاجاً في العالم وخاصة في النهار. أما في الليل فهناك انتاجات أخرى لزرازير صغيرة ضائعة بلا مستقبل. ولكنها يوماً ما ستعبر وستنتصر. كما نشكر وزارة الطاقة على انعدام البنزين والغاز. أما الوزارة المختصة بالخبز (هم كل الوزراء طبعا بتكلمو في كل حاجة، فاختلط علينا البقر)، اما تلك الوزارة فسنمنحها جائزة نوبل للكيمياء على خلطة الدقيق السحرية التي تتحول بعد ثلاثين ثانية من خروجها من الفرن إلى نشارة ترابية يهرب منها حتى النمل. كما نشكر السيناريست البارع مؤلف حكاوي بطولات هاري بوتر قحط وعودة باتمان، منذ الفيلم الذي سقط في شباك التذاكر عن إغتيال حمدوك، والفيلم الأخير عن اختفاء وجدي صالح لأكثر من أسبوع. والمؤلف حاصل على جائزة البوكر العالمية في أسمج رواية أدبية في العالم. كما هناك تسجيل لممثل بارع عن محاولات اغتيال وجدي عبر كتائب الظل، وننتظر جديد الموسم خلال بضعة أسابيع قادمات. سمعت أن حمدوك اتخذ قراراً بتأجيل (تحرير البنزين) بعد يوم الثالث من يونيو، حتى لا يُحمس المظاهرات. وأساسا هذه المظاهرات نفسها مكتوبة بسيناريوهات ركيكة جداً. وستخرج وسيتم قتل واحد او إثنين ثم يبدأ الشعب في (اللعلعة) لكم يوم قبل أن يعود لقواعده سليماً بقيادة أشباح أوهامه وأحلامه. نحن في حالة يرثى لها.. صدقوني..نحن في حالة يرثى لها.. لا تسر عدو ولا حبيب.. ولا شيء في الأفق.. ولا ضوء في النفق المظلم.. بل الأنكى من ذلك هو أنه لا يوجد حتى مجرد مخرج على المستوى الشخصي والفردي من هذا المرحاض. فليبيا قافلة والسمبوك وضع اوزاره، والبحر خلفي والعدو أمامي. المواصلات واصلت تحليقها مع الدولار، جناحاً بجناح. كُمشة الفول وصلت لمائة جنيه (مع ملاحظة أن الكمشة نفسها مطفوقة من تحت حتى تقلل الكمية_ ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب). اللحمة خاشة على التلاتة ألف (وهي ارخص السلع بالنسبة لباقي السلع-اللحم الرخيص والتاني برضو رخيص). الزيت والدقيق والسكر (قالوا عاوزين يكملو تعليمهم). إيجارات المنازل أصبحت دراسات عليا. الناس يسيرون في الشارع مثل جماجم أغاني مايكل جاكسون (قلت لي مظاهرات؟!!). الأدوية معدومة، والمتوفر بأسعار باهظة، تكاليف الكشف عند الطبيب تعادل مرتب موظف (الموظف هو الحيطة القصيرة). وسنعبر وسننتصر.. أين من عينيَّ هاتيك المجالي يا عروس البحر يا حلم الخيال. ومالو.. نعبر وننتصر.. إيه المانع يعني؟.. بس نعبر نمشي وين؟!! وننتصر على منو؟!! نحن لا نريد العبور ولا الانتصار، نحن نريد فقط المحافظة على الوضع الراهن على سوئه. لا نريد مزيداً من السوء..لا نريد خوازيق حمدوكية جديدة..لا نريد مواسير.. ووالله لن يغتالك أحد يا سيد حمدوك ولن يختطفك أحد يا وجدي صالح، واهنأوا بطولة سلامة. فأنتم تقدمون للكيزان خدماتكم الجليلة بصدر رحب. يارب الخلاص من هذه (القرية في شكل بلد) الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا..بس ما حمدوك ووجدي صالح..بليييز.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة