التاريخ يتجدد، وتتمكن الولايات المتحدة وبريطانيا من جرجرة العرب نحو تحالفها، وزحزحتهم عن دول المحور الجديد (روسيا الصين). كان ذلك دائماً وعبر التاريخ الحديث، مدعاة للسخرية، منذ الحرب العالمية الأولى والثانية، ثم الباردة واليوم. عادت قطر للمحيط العربي لتخرج عن محور الممانعة أو المغامرين كما أسمي من قبل (ليبيا، قطر، الجزائر، سوريا) بعد هزيمة العراق، وولوج العهد الجديد الذي سمى بالربيع العربي. اليوم كذلك اعلنت تركيا رضوخها، ويتم تجميع كل الدول العربية بالعصا والجزرة، تمهيداً لحدث أكبر. وغالباً ما يكون غزو إيران. هكذا يمكننا ان نجد مبرراً لتهافت إسرائيل عبر وكيلتها (الإمارات) لبناء حلف الاتفاقيات الابراهيمية، والذي امتد حتى المغرب. وقبل أيام رفعت الجزائر والمغرب جاهزيتهما القتالية، بعد استمرار الممانعة الجزائرية عبر رفضها للتطبيع. إن امريكا تهيئ بيئة العمليات، قبل تهيأة مسرح العمليات، ولذلك كان تطبيع السودان مع إسرائيل مهماً. فالهدف ليس السودان، الذي لن ينال غير الوعود الوهمية، كما حصل للشريف حسين منذ مائة عام تقريباً. بل الهدف هو محاصرة إيران كما تمت محاصرة الامبراطورية العثمانية. لا اعرف كيف تستطيع امريكا خداع الجميع فتجمعهم وتفرقهم كما لو كانوا لعبة في أيديها، ولكن ذلك ليس بمستغرب، فعندما رغبت أمريكا في فصل جنوب السودان دون أدنى اعتراض، استطاعت اقناع جميع الاحزاب السودانية بمشاركة الكيزان في الحكم. وهكذا كان من ضمن شروط دخول ممثلي الاحزاب للبرلمان هو توقيعهم على بياض بالقبول لاتفاقية نيفاشا. وبعد الانفصال، عادت وفرقتهم، ثم عادت وجمعتهم..الخ...إنها مهزلة مبكية ومضحكة في نفس الوقت. لكن لا زال السؤال مطروحاً، كيف تستطيع أمريكا إقناع كل الحكومات العربية بالإضافة لتركيا على بناء تحالفات جديدة. والراجح أن سوريا نفسها ستحاول الانضمام للتحالف إن سمحت روسيا لبشار بذلك. واعتقد ان الضغوطات الراهنة على روسيا وتوقيع عقوبات أقسى عليها ستدفعها إلى تجاهل غزو امريكا لإيران. وقبول بشار بالجزرة وهي تركه في منصبه. عادت العلاقات بين السعودية، مصر، قطر، الإمارات. وهذا حصار بنصف دائرة على إيران. سيعمل بايدن على ابعاد الصين وروسيا عن إيران، وستجد إيران نفسها في عزلة مطبقة. تم تهيئة المناخ السياسي العربي لحماية إسرائيل من اي محاولة لتلقي اقل مفاجئة، حتى لو كان ذلك عبر مرور رصاصة واحدة من السودان نحو الشمال. وستسترد مصر بعض القيادات الإخوانية من تركيا كعربون يؤكد الجدية. العرب لا يجتمعون أبداً بناء على قرار صادر من رؤية موحدة مدروسة بعناية، إنهم جميعاً متهافتون. غير أن الإمارات ستسترد جزرها التي تحتلها إيران بالقوة وهذا ربما يكون مكسباً جيداً لها. هكذا نكون قد توصلنا إلى إجابة لعدة تساؤلات منذ عشر سنوات مضت، من أهمها؛ لماذا عمدت أمريكا لتغيير الرؤساء العرب التقليديين (صدام، مبارك، صالح، القذافي، بن علي، وأخيراً البشير). بالإضافة إلى تسارع عمليات التطبيع مع إسرائيل بقيادة إماراتية. ويبدو أن هناك وعود للجميع؛ استرداد الامارات للجزر، انهاء نزاع الصحراء الغربية بالنسبة للمغرب، بقاء بشر في الحكم، ضمان مصر لعدم وجود مهدد إخواني من تركيا، استقرار البرهان فوق كرسي الحكم في السودان، ..الخ.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة