فلنتخيل الآن، وأنا اكتب في هذه اللحظة بآخر بضعة خطوط من كهرباء الموبايل، لأن الكهرباء مقطوعة في الخرطوم، سأكتب عن حقائق يغمض الشعب السوداني بأسره عينيه عن رؤيتها، ويوزع فشله على شماعات خارجية كالجن والسحر والاثيوبيين والمصريين والتشاديين والعرب المستعربة والافارقة الزنوج.. رغم أن على الشعب السوداني، أن يفكر بواقعية لكي يعرف سبب فشله، وهو أنه هو نفسه سبب فشله. منذ الاستقلال، وحتى اليوم. الشعب السوداني حكم هذه البلد وتحديداً كل الاحزاب، وتحديداً هذا الشمال النيلي: حكم الاسلاميون والاحزاب الطائفية والشيوعيون والبعثيون، وفشلوا جميعاً، واستعانوا بالجيش لينقلبوا على بعضهم البعض، وها هم اليوم يستعينون بالأجنبي ليسقطوا السودان في حضيض الانحطاط الذي أصبح مزمناً ثم تأتي كل مجموعة تحاول الصاق التهم بأختها، وكلهم فاشلون ولكن لا يعلمون. دعونا من هذه الجوطة حول حلايب من ناحية انتمائها أو عدم انتمائها للسودان. ولنفترض فرضاً أن المصريين اليوم قالوا لنا: تعالوا وخذوا حلايب. كما استلم القحاطة بحمدوكهم السودان، فماذا ستفعل حكومة السودان لأهل حلايب، دعوني فقط اذكر كيف تم تمصير حلايب خلال بضعة سنوات: قامت مصر بالآتي: - بناء آلاف الوحدات السكنية لسكان حلايب، وقد اتفق اهل حلايب مع الحكومة المصرية ببناء هذه الوحدات في شكل بيوت بها حيشان. - انشأت مصر محطات مياه بطاقة انتاجية ٢٥٠ الف متر مكعب يوميا بشلاتين فقط، تغذي كل شلاتين وما حولها. مع حفر الاف الآبار. - انشأت مجازر آلية. - انشأت ميناء صيد بين شلاتين وبرانيس بطول ٢٨٠ كيلو متر أي بضعف المسافة بين الخرطوم وواد مدني. -انشأت محطات كهرباء بطاقة ٧ ميجاوات.. - انشأت مستشفيات مركزية.. - جاري انشاء مطار برانيس وتحويله لمطار مدني.. - أنشأت مدارس وآلاف الفصول الدراسية.. - انشاء اكبر مركز سياحي بمساحة ٢ مليون متر ومركز آخر بمساحة مليون متر. - انشأت خمسة فنادق بيئية (السياحة البيئية) ومركز آخر للسياحة البيئية.. - مائة الف فدان لمشاريع استثمارية زراعية وحيوانية. - انشاء مناطق صناعية على مساحة ٤ مليون متر لتصنيع اللحوم والأسماك. - إنشاء وحدة طاقة شمسية ضخمة بقدرة ٥ ميجاوات.. واثنتان اخرتان بقدر ٢ ميجاوات، وعشر محطات توليد كهربائي بقدرة ١٠٠ ميجاواط،. -جاري انشاء اكبر محطة توليد بالطاقة الشمسية في الشرق الأوسط على مساحة ٥ ملايين متر، بطاقة ٧١٢ ميجاوات لتكون رقم ١٣ عالمياً. - أكبر مجمع أسماك مساحته ٣ ملايين متر مربع..
في المقابل: بورتسودان (القريبة من حلايب) التي تدر مليارات الدولارات لحكومة الشمال تعاني من: ضعف شبكات الكهرباء، والماء والغاز.. وكل مناطق ولاية البحر الأحمر تتم سرقتها جهارا نهارا ابتداء من مليايين الدولارات التي تدخل عبر ميناء بورتسودان وانتهاء بأطنان الذهب التي يقوم التماسيح بتهريبها. ولايات البحر الاحمر (الجارة لحلايب) يعاني إنسانها من التهميش، فما بالك بحلايب. ما الذي ستفعله الحكومة لاهل حلايب الذين تم تمصيرهم ومنحهم ما لم يكونوا يحلمون به منذ الاستقلال وحتى الآن. ستستلم حلايب لتفعل بها ماذا؟ هذا هو السؤال؟ لتجوع اهلها كما يتم تجويعنا نحن في العاصمة الخرطوم التي هي أشبه بمقبرة قصفتها قنبلة نووية؟ هل أي حكومة مرت بالسودان بدءً من الاحزاب والعساكر عاملتنا كبني آدمين؟ دعك من حلايب التي أصبح شعبها مرفهاً يعيش بدون أزمة غاز وبنزين وعلاج وتعليم.. دعكم منهم.. ماذا ستفعلون لنا نحن هنا، حيث لا يوجد اي نزاع حدودي مع دولة اخرى. ولو الآن.. وفي هذه اللحظة..استلمت حكومة السودان حلايب.. هل ستسطيع سد الفراغ وتوفير الكهرباء والماء والعلاج والدواء والمشاريع الاستثمارية والمنازل.. أيها الكذبة.. انا مواطن لي أكثر من اربعين سنة وأنا احمل الجنسية السودانية..فهل وفرت لي حكومة السودان قطعة أرض ولو في مكان مهجور.. بل على العكس.. لم يعاني الشعب المقهور اكثر من معاناته من نزع اراضيه التي حازها عبر عشرات السنين..فهدمت منازلهم فوق رؤوسهم..اسألوا شعب السالمة واراضي الجموعية وغيرهم ممن تم تجريف منازلهم بالكراكات..وتريدون حلايب.. أيها الضلاليون اللصوص.. ماذا فعلتم لنا ونحن جوا العاصمة لتتحدثوا عن حلايب التي تحركون عبرها النعرة العنصرية لتغطية فشلكم منذ سبعين عاماً.. سبعون عاماً والشماليون يحكمون هذا البلد تارة عبر مليشياتهم المسماة بالجيش وتارة عبر أحزابهم التي هي أكثر دكتاتورية من النازية... فماذا انتجتم سوى الفشل والعمالة الرخيصة وقبض الاموال من اجهزة مخابرات الدول الأخرى.. ونشر السفاهات عبر قروبات النساء المشبوهات.. وممارسة الاغتيال المعنوي لبعضكم البعض..والحسد والانانية؟ أنتم شعب فاشل..وحين تعترفوا بهذه الحقيقة، ستعرفوا أن مشكلة هذه الارض لم تكن ابدا فيها بل فيكم.. وحين تعترفوا بذلك ستعرفوا أن عليكم تغيير ما بنفوسكم أولاً لتتمكنوا من إصلاح الدولة.. اما الآن فاستمروا في النعيق والنقيق واستمروا في تخوين بعضكم البعض..حتى يأتِ اليوم الذي ترونه بعيداً ونراه قريباً.. وحينئذ فلا تلومُن إلا أنفسكم.. وإلا فامددوا بسبب إلى السماء ثم فاقطعوا وانظروا إن كان يذهب كيدكم ما يغيظ.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
أمل الكردفاني
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست