إن حكومة الجواسيس الحالية، فشلت في تحقيق المدنية كما فشلت حكومات الجواسيس في افغانستان والعراق والصومال في تحقيق دموقراطية منشودة بعد سقوط الأنظمة السابقة. إن الإمبريالية الأنجلو-امريكية لم تسعَ يوماً لتطوير أنظمة الحكم في أي دولة، بل إثارة الفتن بين مكونات الشعوب، وسيطرة البعثات التابعة لها عبر منظمات إنسانية لا إنسانية، متعددة الأنشطة، تعمل في الداخل على التجنيد المستمر للشباب الحائر بلا مستقبل. كيف تعمل تلك المنظمات الأنجلو-امريكية؟ ببساطة هي تفتح بعض أبواب التدريب تحت مسميات بريئة كصناعة القادة، أو الدورات في حقوق الإنسان، والنسويات..الخ. ثم يتم نقل من يتم تجنيدهم إلى الخارج. فحتى في ظل أزمة كورونا وحظر السفر إلى بريطانيا وأمريكا، تم تسفير هؤلاء المجندين إلى الخارج على وجه السرعة، ثم ليتم إعادتهم بعد ذلك لأداء مهامهم التي تتمثل في عمليات استقطاب واسعة النطاق للفتيات في مستوى أول، ومن ثم خلق حافز لدخول الذكور من الشباب. أما الأوفر حظاً فهم من يحصلون على دعم كافٍ لإنشاء منظمات غير حكومية في الداخل. من خلال ملاحظتي، وجدت دعماً بآلاف الدولارات لهذه المنظمات التي هي في الواقع لا تعمل شيئاً حقيقياً سوى كتابة التقارير ورفعها إلى المنظمات الأم. لذلك فحكومة الجواسيس الحالية لا هدف لها سوى زرع هؤلاء في كل مكان في ربوع السودان المختلفة. هذا هو هدفها الأول، وليس تحقيق انتقال دموقراطي، لأنه لا أحد من هؤلاء عينه الشعب عبر انتخابات، بل جاء بشكل غير واضح إلى السودان من الخارج مباشرة لتقلد منصبه. هناك دول عربية أخرى تداخلت مع اللعبة وجاءت برأسماليين من صغار الشباب، ليكونوا الممسكين بزمام رأس المال والاقتصاد القومي مستقبلاً. وهذه طريقة اقوى من الطريقة التقليدية التي اتبعتها المخابرات الأنجلو-امريكية، وليس ذلك غباءً من بريطانيا وامريكا، ولكن لأن هناك قوانين في داخل بريطانيا وأمريكا تراقب الجوانب المالية الخاصة بنقل وتدفق وتحويل الأموال إلى المدنيين. لذلك في عهد قوش وعام ٢٠١٨ تحديداً تم إنشاء مئات الصرافات داخل العاصمة، بحيث تتم التحويلات المالية من الخارج للإمارات ومن هناك للسودان في ظل الحظر الأمريكي على عمليات البنوك في السودان. إذاً فكل خيوط اللعبة في الخارج، وأما قوش فقد كان دوره تسهيلياً فقط.. حكومة الجواسيس، لم تسعَ منذ أول يوم لها لخلق حالة اتساق سياسي وثقافي واجتماعي عام وشامل، ولم تسع لتطوير العمل الجمعي نحو بناء دستور حقيقي، يضع الدولة برمتها في الطريق الصحيح. وهذا هو نفسه ما حدث في العراق. كان بإمكان العمل الجاد وبجهد بسيط، وضع أساس متين لمستقبل الدولة وتمكين الشعب من حكم نفسه. لكن بالتأكيد إن الحكم الحقيقي للشعب يعني عرقلة الأطماع الأنجلو-امريكية عبر تعاقدات غير متوازنة، كما حدث في الدول الأخرى. كما أن هناك دول عربية -بل وحتى افريقية- لا تحبذ وجود دموقراطية حقيقية في السودان. وهذا بالضبط ما حدث في ليبيا عندما تم تقويض النظام الدموقراطي المنتخب من الشعب الليبي، وتحول مجلس النواب المنتخب لمجلس غير شرعي في مقابل حكومة إخوان مسلمين زرعتها بريطانيا وأمريكا عبر الأمم المتحدة ومنحتها شرعية غير معلومة السند. تحول قائد تنظيم فجر ليبيا الإرهابي إلى قائد شرعي، وتحول حفتر المعين من حكومة منتخبة من قائد للجيش الليبي لقائد مليشيات..وتم قلب كل الحقائق رأساً على عقب. إن حكومة الجواسيس الحالية في السودان لن تفضي أبداً لأي خير، والشواهد كثيرة..لكنني سأترك للشعب الحكم خلال السنوات القادمة..وحينها سيكون الحكم تحصيل حاصل بعد فوات الأوان.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة