المطرب الكبير المرحوم محمود عبد العزيز، خانه ضعف الابداع اللحني. ولذلك ابدع في الغناء القديم بحيث استطاع الانتصار حتى على أصحاب تلك الاغنيات الأصليين..وفي اغنية تراثية وهي اغنية زينوبة، أستطاع استخدام خامته الصوتية القوية، ليمتعنا بأغنية قوية وراقصة، لم تجد مبدعاً إخراجياً لمنحها الفيديو كليب الذي ينقلها إلى العالمية. لكن وفي آخر هذه الأغنية نلاحظ إضافة موسيقية رائعة جداً لعازف الفلوت. وأعتقد ان لاعب الفلوت قد أضافها بشكل ارتجالي، لتضاف بعد ذلك إلى اللحن، رغم أنه كان بإمكانه تطويرها لتكون مقطوعة موسيقية مستقلة، وقد تبلغ العالمية. المشكلة في الغناء السوداني هو ان المزاج العام لا يتقبل أي تطوير للموسيقى. السودان ظل دولة بدون معرفة حقيقية بالموسيقى بل كان الغناء نفسه وصمة عار على الرجال، حتى كسره مطربوا الحقيبة، ولا أعرف كيف اجترحوا تلك الألحان في مجتمع كان يعتمد في الغناء على الصوت فقط وفي أفضل الأحوال (الدلوكة والطمبور). المهم أن مغنيي الحقيبة أنجزوا إنجازا تاريخيا عظيماً لا زال يرفد الطرب السوداني بأغانيهم الخالدة. بعد ذلك تطور الغناء ومعه الموسيقى بشكل بطيء، ولكن الذائقة العامة لا تتحمل النقلات الواسعة، خلافاً للدول العربية. سنلاحظ أن لبنان بادرت بالانتقال إلى المزج بين الشرقي والغربي منذ وقت طويل، فالاخوان رحباني استلهموا الغناء الغربي، وكذلك حدث في مصر، والذائقة الشعبية في مصر سريعة القبول للجديد. بل وتتبناه ثم تتبنى ما يستجد. قدم محمد منير اغانيه في السودان فلم يجد اي استجابة. اخذ الاغاني السودانية وعرضها بشكل عالمي فانتشرت وكذلك فعل مغنون آخرون. لا يمكن القول بأن هناك سرقات فنية لأن المطربين المصريين أضافوا لها عناصر جديدة. وذات الحال فعل الأثيوبيون، بل أن الأثيوبيين ابدعوا في إضافة الإيقاعات الغربية، واستخدام آلات كالجيتار الكهربائي، بشكل إبداعي عالي. في حين أن مطرب كمحمد وردي عندما قام بتسجيل بعض اغانيه في امريكا بفرقة غربية، رفض الإفراج عنها حتى تم تسريب ثلاث أغنيات، وبالفعل لم يتلقاها الشعب بالقبول..لأنها خالفت ذائقته العامة. هناك تجارب شبابية ايضاً لم تجد القبول الجماهيري، مثل فرقة اضواء المدينة، وهي فرقة شباب مبدع لكنها تعرضت للتهميش. لست متخصصاً في المجال الموسيقي، لكنني كمتذوق أرى وجود عناصر جمالية في الأغنية السودانية قابلة للتطوير ونقلها إلى العالمية بقليل من الإضافات وببعض الذكاء الإبداعي. وبالعودة للموضوع فعازف الفلوت هذا ممتاز جداً، وحقق أضافة لم تنل أي اهتمام لتحليل موقع إضافته في اغنية زينوبة لمحمود عبد العزيز، ولا اعرف السبب، كما لا اعرف لماذا هذا الشعب هكذا؟
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة