يتقمصنا الحسد...والارهاب ضد أنفسنا..وتنقصنا قواعد التربية المجتمعية والذوق العام في احترام عمل الاخري...وكأننا نخجل، فنحن لا نقول أبدا( شكرا) لمن يحسن الينا جهرا...وكأن الاية الكريمة قد نزلت علي قومنا( قليلا ما يشكرون ). واذا طلبنا معروفا ، من أحد، فنطلبه بصيغة الأمر، وليس الرجاء أو المودة.وحتي في مناجاتنا مع الله خالقنا ، نخجل ان يسمعها حتي أفراد أسرتنا ...ويقال أن السوداني عندما تشتد به الحاجة ، يدخل حجرته ويغلق الباب وشبابيك الحجرة حتي لا يسمعه الاخرون ماذا يريد من ربه.. ويقال، وليس بالضرورة كله صحيحا، باننا لا نعرف رد الجميل لمن أسدي لنا معروفا، وكأن صاحب المعروف يسدد دينا عليه، أو كأنما هو مجبر عليه.. أقول ذلك، وفي الخاطر، مقالات كنت قد كتبتها في وقت سابق عبر هذه الصحيفة ، أشيد فيها بانجازات بعض الشخصيات السودانية والعربية، وجدت نفسي حيالها من الصدق والامانة أن اقول لها( شكرا) كاحساس داخلي يتملكني...واستشعار جمعي أردت ترجمته في كلمات نيابة عن الأخرين..وهل نملك غير كلماتنا ؟ من تلك الشخصيات، كتبت عن رئيس الوزراء عبدالله حمدوك..لم أجعله ملاكا متساميا لا أخطاء له..ولكن وصفت الرجل بما هو فيه من خصال ووطنية وطولة بال...ويحتاج الرجل فعلا ان يري صورته معكوسة علي أفواه واقوال مواطنيه..ولكن للأسف لا أطالع في وسائل الاعلام المحلية الا التشكيك في قدراته وهو الذي تمني الرئيس الامريكي( ترامب) أن يكون أحد مستشاريه المقربين..ولا أجد تفسيرا في جحد انجازات الدكتور حمدوك، وأهمها( إتفاقية السلام) و( رفع إسم السودان من قائمة الدول الراعية الأرهاب) إلا ما بدأت به المقال ، وهو تقمصنا بداء الحسد، وكره نجاح الأخرين،حتي ولو كان هذا النجاح من أجل الوطن...وكأننا نعيد بذلك ما كتبه، الكاتب الفرنسي الساخر( موليير) في مسرحيته ( كاره البشر ) التي تعالج العيوب الأخلاقية التي يمتلكها البشر ومنها (أن يكون باغضا للبشر) كما يقول الروائي العالمي (جابرييل جارسيا ماركيز). أما الشخصية الأخري، التي كتبت عنها ،سيدة عربية فاضلة ، تتبوأ مسئولية وزارة الصحة العامة في بلادها، وقد رشحتها لخلافة المدير العام لمنظمة الصحة العالمية ، الذي تنتهي ولايته السنة القادمة..مجرد ترشيح (لرد الجميل ) لن يقدم أو يؤخر في قناعات الدول الأخري...ورغم ذلك لامني من لامني ولماذا لا أرشح من أبناء وطني...ومنهم من قال( وانت مالك ومال قضايا غيرك) .وهم يتجاهلون بان الكاتب هو ( ابن بيئته) فان لم تكن البيئة ( الطبيعية) حيث المولد والنشاة، فهي البيئة( الاجتماعية) حيث يعمل ويعيش ويسكن، وقد عشت في تلك الديار الكريمة لأكثر من ثلاثين عاما متواصلة، وكنت شاهدا علي نهضتها وعلي ما لا يعرفه غيري عن تلك الشخصية العربية وقد حان لي أن اذكره في حقها ( فلعل قومي يعلمون). ففي هذه الدولة، وفي تلك الوزارة، يعمل نحو ( 240)طبيبا سودانيا ، والعشرات ان اقل الميئات من الكوادر الصحية والطبية المساعدة، يعملون في المستشفيات والمراكز الصحية والبحثية ويفضلونهم عن باقي الجنسيات تفضيلا استثنائيا ، وحتي المرضي السودانيين من المقيمين وزوارهم ، لهم معاملة خاصة في الكشف والعلاج بما في ذلك العمليات الجراحية الكبري..وبدون رسوم مالية تذكر. ولم نسمع في أي يوم من الأيام بانهاء خدمات اي كادر من كوادرنا الطبية أو الصحية بل هناك من بلغ سن التقاعد ولازال يعمل بتمديدات ادارية من صلاحية الوزير.. كل الذي قلناه...نشاهده ونعيشه ، ونفتخر به بين الجاليات الاخري..فماذا نملك لرد هذا الجميل سوي أن نكتب غير كلمة( شكرا) نيابة عن الجميع بلا خجل عن حق مستحق للاخرين. لقد قامت امريكا، برفع اسم السودان من قائمة الدول راعية الارهاب، ولكن يبقي ( الإرهاب) الداخلي الذي يتقمصنا..وهو ( الحسد) و( كره البشر) ، فمن يا تري سيرفع منا هذا الداء الخطير..؟ د.فراج الشيخ الفزاري [email protected]
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة