قم بتجربة بسيطة جداً: إشترك في خدمة انترنت من أي شركة اتصالات في السودان، بحجم محدد وليكن مائة ميغابيت. خلاص؟ الآن: قم بتحميل فيلم قصير بحجم سبعين ميجابيت..
وانتظر: فجأة سيتوقف التحميل في أربعين ميغابيت، لانك ستكون قد استنفدت رصيدك والذي هو (من المفترض أن يكون) ١٠٠ ميغابيت. قمت بهذه التجربة كثيراً لاكتشف أن شركات الاتصالات السودانية، تسمي أحجام الانترنت بغير حقيقتها. فالغياغابيت هو في الحقيقة ميغابيت، والميغا هي في الحقيقة كبيت. وهكذا...تماما كما تفعل الحكومة عندما تحذف صفرين تو ثلاثة من العملة لتقنع البشرية الجاهلة في نظرها بأن الجنيه قد ارتفعت قيمته مقابل الدولار. جرب واخبرني بالنتيجة. كيف اكتشفت هذه السرقة الإحتيالية؟ ببساطة وفي دول الخليج اشتركت بباقة عشرين غيغابيت، وبالرغم من أنني كنت أنهك هذه الباقة بتحميل الكتب الضخمة والموسوعات والافلام والمسرحيات والأغاني، فقد بقيت معي الباقة لمدة ثلاثة أشهر، وحتى عودتي تركت فيها قرابة ثلاث غيغابايت أو يزيد. في حين أن نفس هذه العشرين ميغابيت في السودان تنقرض دفعة واحدة عند تحميل ملف صوتي واحد طويل. ثم اكتشفت ما هو اكثر بلاء، فبعض الشركات، تبيعك مثلا عشر ميغابيت، ولكنها لا تعطك اي علامة على انك قد استنفدت العشر ميغا هذه، بل ينقطع الانترنت عنك فجأة. طبعا السبب بسيط جداً، وهو الا تعرف هل فعلاً استهلكت عشر ميغابيت ام أن هذا (استنكاح) من الشركة. شركات الاتصالات التي تبيعنا الهواء محتكرة للتماسيح الكبار وجهاز الأمن. ومهما حاولت كسر السياج الفولاذي الذي يحيط بها فلن تعرف شيئاً. ادخل على عروض اي شركة، واقرأ الكم الهائل من اللعب على العشر ورقات وليس الثلاث ورقات. فهذه الباقة الفلانية وتلك العلانية، وهذه بكذا وتلك بكذا، وفي النهاية،كلها ليست سوى عمليات معقدة من التمويه على سرقة نقودك بتعدد المسميات. قارن بين الانترنت في الخليج والانترنت هنا، سواء من حيث الحجم ام من حيث السرعة..ستجد فارقاً مهولاً. ستجد الارقام متطابقة نعم. ولكن الحقيقة على الارض مختلفة. ستجد ان الرقم الذي يحدد السرعة في دولة خليجية هو نفس الرقم في السودان، وستجد ان الحجم هو نفسه رقم الحجم في السودان. لكن ذلك يبدو كتقليد الصينيين للمنتجات اليابانية. شيء مختلف تماماً. وبما أننا طبعنا مع اسرائيل، فلنستفد على الاقل من الاختراع الاسرائيلي الذي جعل الانترنت مجاناً لربطه مباشرة بالاقمار الفضائية بدلا عن الكيبول البحري. وليكن الانترنت مجاناً. لكن.. هل سيقبل التماسيح بذلك؟ هل سيقبل جهاز الأمن بذلك؟ طبعا....(....)
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة