بعض الفشل والإخفاقات في مسيرة الحكومة الإنتقالية ، كانت بالنسبة لكثيرٍ من (الحُكماء) وأصحاب النظرة الثاقبة من (البديهيات) وشيئاً متوقَّعاً ، بل ربما إعتبروها واقعاً لا بُد منه ولا يُمكن تلافيه بالنظر إلى (طبيعة الأشياء) وما جبل الله عليه الكون ، في باب حتمية ترافُق الصواب والخطأ والنجاح والفشل والخير والشر ، لا يوجد على وجه البسيطة ما يمكن أن يُوصف بالكمال المُطلق الخالي من العيوب والنواقص ، فتلك صفةٌ إختص بها ذو الجلال والإكرام ذاتهُ المُقدَّسة ، ولا تطاوُّل للإنسان فيما تعلَّق بصفات الذات الإلهية ، السؤال المطروح (لماذا يتكالب الخصوم إصراراً وقسراً على وصف كل كما قامت به الحكومة الإنتقالية من جهود على مدى عامٍ من إستلامها السُلطة بالفشل المُطلق دون تفاصيل ولا مُحدِّدات ؟) ، من وجهة نظري الشخصية لا تفسير لذلك سوى بحث هؤلاء الخصوم عن (مكاسب) شخصية وسياسية وربما مادية ، تُغذي فيهم تلك (الرغبة) المُتطرِّفة في (مُشاركة) الحكومة الإنتقالية وحاضنتها السياسية ما يعتقدون أنها (كيكة) السُلطة ، ولا يدرون مذاق مرارتها في هذا المُنحنى العصيب من تاريخ السودان وشعبهِ الصابر.
نحنُ لا ندعو إلى تقديس الأشخاص ولا نلهث وراء الإنتصار لتوجُّهاتنا السياسية والآيدلوجية ، بمُجرَّد إقصاء الخصوم ورفع شعار إنتصاراتنا عليهم ، كل ما في الأمر أن الدفاع عن المسار الديموقراطي وديمومتهِ في السودان ، ودعمهُ إلى أن يصبح إلزاماً دستورياً لا يُمكن خرقهُ عبر الإستعانة (بالقناعات) قبل (الإتفاقات) ، يستدعي بوضوح ولا تورية (مُعاداة) كل من يستعدي ثورة ديسمبر المجيدة ويُقلِّل من شأن وقداسة مطالبها الشعبية ، أو يحاوِّل أن (يتسلَّق) إنجازاتها التي مهرتها الأرواحُ والجراح والتضحيات عبر المُطالبة بإعمال قيمة التسامُح (المَعيب) الذي ينبني على مبدأ عفا الله عن ما سلف ، والذي طالما كان الأداة الرئيسية في هدم الديموقراطيات السابقة وتحطيم كل أملٍ لاح في الأُفق لبناء دولة المؤسسات والعدالة والقانون والتنمية المُستدامة.
أما حمدوك فمن سوء حظهِِ ، أنه يتعرَّض الآن لمُحاكمة جائرة من بعض الذين إنطبعت في أذهانهم الصورة (النمطية السودانية) للقائد أوالزعيم ، والتي وصمها الحُكام العسكريون بصفات (شكلية) عديدة كان أهمها كثرة الكلام والخُطب ، وعُلو الصوت في إعلان الباطل وخُفوتهِ حين يجيءُ دورُ الحق ، والإندفاع والحماس المُفضي إلى المهالِك و(رفع العِصي) والرقص الإستعراضي على منصات المهرجانات الدعائية ، لم يتعوَّدوا بَعدْ على مواصفات زعماء الدول المُعتدة بالمؤسسية حين ينحازون للدستور والقانون واللوائح والقيَّم والأعراف الدولية في التعامُل مع شعوبهم وقضايا أوطانهم ، الزعماء الحقيقيون لا يضربون بيدٍ من حديد إلا عبر أداة القانون والمنطق والأخلاق الفاضلة وإحترام حقوق الخصوم ، ولا يتطاولون لحسم القضايا على حساب قواعد الإختصاص الوظيفي وما تُقرهُ اللوائح ، ولا يلوِّحون بالعصي لشعوبهم ولا يُهدِّدون معارضيهم بالويل والثبور ، علينا ببساطة أن نصبِر حتى تقودنا الوقائع إلى تغيير الصورة النمطية للزعيم (السوداني) في أذهاننا ، حينها يمكننا (تقييم) شخصية حمدوك وربما أساليبهُ في معالجة الأزمات وتوفير الحلول.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة