بعد ان انذر بيل غيتس سنة 2015 العالم بفيروس قد يفتك بالبشر في العالم لعدم استعداد البشرية للتعامل مع وباء من هذا القبيل . اجتاح العالم وباء كوفيد-19 منذ ديسمبر 2019 واستمر حتى يومنا هذا . غيّر ظهور الفيروس والاعلام المركّز المصاحب له سلوك البشر في كثير من بلدان العالم . وكان من ابرز تلك المظاهر ، ظاهرة الحجر المنزلي العالمي التي لم تعرف له البشرية مثيلاً، ولبس الناس كمامات الوجه التي غيّرت أوجه سكان البسيطة، وتباعدت بين كل بشري وآخر المسافات في الحيّز الواحد ، وقلّت الزيارات الاجتماعيّة واعتمد الناس على التواصل الهاتفي ، والشراء الالكتروني الذي ربح مليارات الدولارات حتى حصلت التجارة الالكترونية على دولار من بين كل خمسة دولارات تُنفق في التجارة . توقّف التعليم في كثير من دول العالم ومن بين هذه الدول السودان خشيّة انتقال الوباء عبر التجمعات البشرية المدرسية . وعندما عاد التعليم مجدّداً ، عاد بصورةٍ اخرى مغايرة لما كان عليه قبل مارس/ابريل 2020م . عاد بالنسخة الالكترونية ، والتعليم عن بُعد ، ببقاء الطالب في منزله والمعلّم في منزله ووسائل الاتصال الحديثة عبر الانترنت هي الفصل الدراسي الحديث. عندما كانت المدرسة التقليدية بصورتها الفيزيائية ، كان الفصل الدراسي واحداً لجميع الطلاب،ودرجة حرارة الصف واحدة ، ودرجة اضاءة الصف واحدة ،والكتاب المدرسي واحداً ، ومعلّم الصف واحداً لكل مادة ، والسبورة واحدة والبيئة المدرسية واحدة. وكان الاختلاف بين الطلاب في مقدراتهم العقلية وقدرتهم على الانتباه والتركيز لما يدرّسه المعلّم ، واستعدادهم ودافعيتهم نحو التعلّم ، وصبرهم وقوّة ارادتهم في تلقي العلم . الآن بعد جائحة الكورونا وانتشار التعليم الالكتروني عن بُعد، صارت الفروق في القدرة على امتلاك أجهزة كمبيوتر أو اتصال حديثة وذكيّة،ووجود الكهرباء ووفرتها، وقدرة الطالب ووجوده في دولة بها شبكات اتصال حديثة ومستمرة عبر الانترنت (5G) ، ووجود منزل مجهّز وخالي من المشكلات الاجتماعيّة لراحة الطالب ، وطاولة عليها جهازه وكتبه ودفاتره، ودرجة حرارة مناسبة داخل الغرفة التي يتعلّم فيها، ووجود اضاءة كافية،ووالدين يشجعان الطالب على الفهم والمذاكرة ، وان تعذّر على الوالدان الشرح ومساعدة الطالب استعانا بمعلمين خصوصيين للمواد التي يصعُب على الطالب فهمها عبر الحصص الالكترونية . انتفت العدالة التعليمية بعد جائحة الكورونا، فما الجديد في التعليم للعصر القادم ؟ فإن كنت قادراً كولي أمر على الصرف على كل تلك البنود السابقة وتوفّرها لأبنائك ، فما الداعي أن يعلّم ولي الأمر أبنه في مدرسة خاصّة في قلب الخرطوم (على سبيل المثال) ؟ .دعك من المدراس الحكوميّة التي لا تُراعي فيها الشروط الصحيّة والتي تعتمد على الكتاب المدرسيّ الذي لم يُطبع حتى الآن . وما الداعي لتعليم ولي الأمر لأبنه في أي مدرسة من مدارس العالم العربي التي تعتمد على مناهج قديمة وطرق تدريس أكل عليها الدهر وشرب ؟.طالما كان ولي الأمر قادراً مادياً فبإمكانه الآن تعليم أبنه في مدرسة ترنتي أو مدرسة ريجيس أو مدرسة حوراس مان أو اكاديمية باسادينيا في الولايات المتحدة الامريكية ، أو مدرسة بيجين العالمية ، أو مدرسة شنغهاي العالمية في الصين ، او مدرسة العالم ، أو مدرسة طوكيو ككوساي المحافظة في اليابان .وذلك بدفع الرسوم الدراسيّة عبر الفيزاكارد والتعليم عن بُعد الذي يفتح أبواب الفصول الدراسيّة لأي طالب يستطيع ان يدفع المال للمدارس ويدفع المال عبر الفيزاكارد لتصله الكتب الدراسيّة عبر امازون . بعد جائحة الكورونا انتفت العدالة من التعليم والى الأبد ، فالقادرين ماديّاً هم من يستطيعون مواصلة التعليم عن بُعد، أمّا من لايمتلك البنود السابقة من الافراد والدول فعليهم الرجوع للخلف ومفارقة التعليم الحديث الى الخلاوي أو ظلمات الجهل الجديدة. علي أبوزيد 22/9/2020
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
علي ابوزيد
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست