كثيرا كنت. اقول ان جزور الازمة السودانية هي اجتماعية في المقام الأول وليست سياسية ولكن بكل اسف يتجاهل البعض حقيقة ذلك وفي كل جولة سلام يكون التركيز منصب علي جوانب أخرى مثل قسمة الثروة والسلطة وهي اشياء لاعلاقة لها بالصراع في اعتقادي الشخصي ان جزور الازمة ترجع الي العام 662م عندما وقع المسلمين بقيادة عبد الله بن ابي السرح مع ممثل مملكة المغرة النوبية وثيقة سلام عرفت عبر التاريخ (بالبقط) والتي استمرت لفترة ستة قرون الي ان خرقها هجوم المماليك علي دنقلا في العام 1313 م وقد نصت تلك الاتفاقية علي علاقة اهل مايعرف اليوم بالسودان بالدين الإسلامي حيث نصت الفقرة الأولى علي ان حرية الدخول في الدين الجديد شخصية وان لا يجبر او يمنع احد علي اعتناقه
ظل اهل بلاد مايعرف اليوم بالسودان في وئام وتسامح مع بعضهم البعض بمختلف اديانهم ومعتقداتهم حتي بعد قيام دولة الفونج سنة 1505م عقب اسقاط مملكة علوة المسحية حيث لم تعمل السلطنة الزرقاء علي ادخال الناس الي الدين الاسلامي عنوة واعتمد انتشار الاسلام عن طريق الطرق الصوفية التي. وجدت قبول في السكان المحليين ولكن ومع دخول الاحتلال التركي المصري في العام 1821م اختلف الامر كثير برغم ان التسامح الديني كان متوفر الا ان ظهور بيع الرقيق الي السطح بسبب جشع محمد علي باشا والي مصر الطامح الي بناء جيش جديد جعل الكثير من السودانين يجتهد في صيد ابناء السود في جبال النوبة والنيل الأزرق وجنوب السودان بغرض بيعهم الي الادارة التركية المصرية في الخرطوم التي تقوم باختيار الاقوياء منهم وارسالهم الي مصر للتجنيد هناك تسبب التدخل المصري- التركي في الاقتصاد السوداني، وما فرضه على المزارعين وسكان الأرياف في منتصف القرن التاسع عشر من باهظ الضرائب والمكوس والعوائد في خلق طبقة جديدة من ملاك الأراضي ومع ظهور ثقافة منع بيع الرقيق في العالم والتي قادها ابراهام لينكولن رئيس الولايات المتحدة الأمريكية الذي اصدر في 22 سبتمبر 1862، تحذيرًا أوليًا يأمر فيه بتحرير جميع العبيد وبالتالي تاثرت الحكومة المصرية التركية بذلك ومن خلال ضغط الراي العام الانجليزي للخديوي علي اسماعيل الذي قام بتعين الجنرال الانجليزي المتقاعد شارلس غوردون ليكون حام عام للسودان في العام. 1979 وللمساعدة علي منع تجارة الرق ولكن لم تنجح جهود شارلس غوردون .في محاربة الرقيق ولم تجد تلك السياسة قبول من بعض السودانيين ولكنه اجتهد كثير واستطاع تحرير اعداد كبيرة من العبيد منهم من رجع إلى مسقط رأسه ومنهم من استقر بمناطق تحمل اسماء تمقت سادتهم السابقين (اتحفظ علي ذكرها) ويمكن القول. ان شارلس غوردون أصاب نجاحا في تثبيط تلك التجارة القذرة وفي الجانب الآخر قاد تحرير العبيد الي تزمر العديد من التجار والمزراعين والملاك الذين كانوا يعتمدون عليهم في اعمال الزراعة والصناعة والتجارة ولكن صرامة الجنرال شارلس غوردون . حسمت الامر ومع اندلاع الثورة المهدية في العام. 1881م وجد الكثير من اصحاب المصالح الضائعة في زمن الحكم التركي المصري ضالتهم في تلك الثورة فانخرط عدد كبير منهم بحجة محاربة الاتراك الكفار رغم ان الحكم التركي المصري يستمد شرعيته من السلطان العثماني الذي يعتبر في ذلك الزمان امير للمؤمنين ولكن حقيقة الأمر انهم كانوا يريدون الانتقام لأنفسهم وسقط الحكم التركي المصري في السودان في العام. 1885م ورجعت تجارة بيع العبيد اكثر قسوة من ما كانت عليه في الماضي وتمر السنوات ويسقط حكم المهدية.سنة1899 بقيادة الجنرال الانجليزي كتشنر باشا الذي قاد جيش يتكون معظم افراده من ابناء و احفاد السودانين الارقاءالسابقين الذين هربوا الي مصر والتحق بعضهم بالجيش المصري هناك لذلك كانوا اكثر القوات شراسة مع بني جلدتهم ضد جيش المهدية بل الاكثر عزم واقدام من القوات المصرية الانجليزية التي اكتفت بادارة المعركة عبر سلاح المدفعية والبواخر النيلية بينما تركت امر الحرب الميدانية لافراد الاورطة السودانية بالجيش المصري واتخذت السلطات الاستعمارية الانجليزية قرار بمنع بيع العبيد ولكن علي تدرج وذلك بمنح كل شخص مسترق شهادة تثبت ( صك ) علي انه حر اذا كان يرغب في نيل حريته وكرامته ولكن يتوقف ذلك في حال قيام المالك له بانتهاك حقوقه و ينبغي عليه اثبات ذلك وبالفعل تحرر عدد كبير من الناس من العبودية حتي وصل العام 1928 عندما تم تحويل مبني بيع العبيد السابق الي دار للرياضة اعلان بنهاية حقب مظلمة من تاريخ السودان كل ذلك السرد التاريخي كان الغرض الاشارة الي ان بعض الناس في عصرنا الحالي لايزال يعتقد ان هناك عبد ومولي وعلي ضوء ذلك الاعتقاد يعاملون بعض ابناء الوطن علي انهم عبيد وما عليهم ال السمع والطاعة وتلك السياسة الاجتماعية العرجاء هي التي قادة الي انعدام الثقة مابين الطرفين بالرغم عدم وجود سحنات او ملامح تفصل السيد من العبد حسب اعتقادهم المريض فملامح ابناء الشعب السوداني تكاد تكون متشابهة الي درجة بعيدة خلاف ما كان سائد في دولة جنوب افريقيا التي كانت تعاني من نظام (الابرتهايد ) الفصل العنصري وبما انه ليس لدينا بيض وسود مثل جنوب افريقيا فنحن شعب يضم كل اللون تحديد السودة والخلاسية (خاطف لونين ) كما يقال باللهجة المحلية ولكن مايحدث في السودان هو فصل ثقافي اجتماعي حيث تبدل التفضيل علي اساس اللون الي المحاولة الي فرض ثقافة وعادات احادية الجانب علي بقية الشعوب السودانية واستلاب خيارهم في العيش قاد ذلك الاعتقاد اوائل النخب السياسية التي فرضت نفسها وصية علي السودان عقب الاستقلال مما اعاد الجميع الي المربع الأول حينما اندلع تمرد توريت في اغسطس 1955 بالرغم من ان اول دستور للسودان في العام 1956 اقر بان السودان. جمهورية حرة. مستقلة متعددة. الاديان والمعتقدات والثقافية والاعراق ولكنه ظل حبر على ورق ورغم محاولة ايجاد سلام عادل ومان يتوصل الطرفين الي وفاق الا ان الوضع سرعان ما ينفجر مرة اخري وخير مثال علي ذلك هو انهيار اتفاق اديس ابابا 1973م ما بين حركة التمرد الجنوبي والنميري عندما اندلع تمرد الحركة الشعبية لتحرير السودان في العام 1983 وكذلك لم ينجح اتفاق المخلوع البشير مع دكتور رياك مشار سنة1997 ليرجع الجميع الي الغابة مرة في العام. 2000م ولم يستطيع اتفاق نيفاشا 2005م ضمان وحدة البلاد مما قاد الي انفصال جنوب السودان في العام. 20011 م وتجددت الحرب في جبال النوبة والنيل الأزرق مرة اخري بعد الفشل في تنفيذ بنود المشورة. الشعبية الخاصة لاهل المنطقة وعلي صعيد دار فور التي لم تعرف السلام منذ العام 2003م رجع السيد مني اركو مناوي للتمرد بعد سنوات قضاها مساعد للمخلوع البشير عقب اتفاق ابوجا 2006 واليوم بعد المشهد السياسي الجديد عقب ثورة ديسمبر وتوقيع اتفاقية جوبا للسلام تطل من جديد وجوه عنصرية تعمل لهدم تلك الاتفاقية بحجة ان بنودها ضد الدين وحجة هولاء انهم ضد فصل الدين من الدولة علي اساس ان الاغلبية مسلمة والسوال الي تلك الاصوات العنصرية الرافضة للثورة والسلام لماذا لم يشفع اعتناق ضحايا الرق والعبودية للاسلام في منع اصطيادهم وبيعهم مثل المواشي بل ان هناك الكثير بيع الي جهات غير مسلمة اجبرتهم علي اعتناق اديان اخري فمن السبب في ذلك؟ الاجابة هي بدون تردد هي جشع اجدادكم الاولين عندما تسلطو علي هولاء المهمشين المساكين في ذلك الزمان الاغبر وانتزعوهم من وسط اهاليهم المسلمين في مناطقهم الرائعة لاجل بيعهم بدراهم معدودة واليوم تبكون علي الاسلام الذي فرط فيه اجداكم الاولين وحتي في المستقبل الحاضر لم يمنع اعتناق المهمشين للاسلام في دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق بمنع حروب الابادة الجماعية التي وقعت عليهم حتي وصل خبرها الي اضابير المجتمع الدولي وهل يتطلب المحافظة علي الاسلام حكم السودان بالحديد والنار طوال الثلاثين عاما الماضية وتجويع الشعب وتهجير البعض وزرع الفتنة وتشجيع الفرقة والقبلية تشارك مع الكيزان بعض التنظمات السياسيه التي بمجرد مشاركتها لهم في الحكم. تكون قد اقرت سياستهم العرجاء ان العلمانية تعني ابعاد تجار الدين عن امور الدولة وعدم العبث بها وان تكون مصالح بلادنا منطلقة من قاعدة المصلحة العليا وثورة ديسمبر من الرغم انها انطلقت من حناجر المهمشين الا انه لم يجني ثمارها الا الذين لم يشاركوا فيها وها هم المهمشين اليوم يعيشون اوضاع اقتصادية صعبة نتيجة تجاهل الحكومة لهم والتي تركتهم فريسة سهلة للتجار الجشعين المدعومين من الكيزان بينما الحكومة التي اتت علي جثث الشهداء والمفقودين لا تحرك ساكناً بل حتي فرصة التطبيع مع إسرائيل رفضت من جانب الحكومة رغم ان اسرائيل كانت من الدول التي فتحت أبوابها لضحايا العنف في دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق كان الموافقة علي ذلك التطبيع ان يساهم في رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب بالتالي يتحسن وضع المهمشين فالجوع اكبر مهد للفترة الانتقالية هو من الاسلحة المفضلة للكيزان يظل السلام في السودان حلم يراود الجميع ويظل العنصرين القدماء واحفادهم الجدد اكبر مهدد لذلك السلام والاستقرار فهل نشهد هذه المرة انتصار للسلام علي تلك الوجوه العنصرية اما يستمر مسلسل الحرب والدمار ويرجع الجميع للمربع الأول حيث دوي البنادق وهدير المدافع في بلد كتب عليه ان يعيش حياة مثقلة باخطاء ابناءه
09-04-2020, 06:26 PM
Yasir Elsharif Yasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 51129
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة