ودعنا بالأمس مناضلاً صلباً ومقداماً بعد أن ودعنا قبله بساعات المناضلة الجسورة الراحلة زينب بدالدين . واليوم نودع الصديق والرفيق التوم ابراهيم : في ذلك الزمان البعيد . لم يكن معروفاً بيننا بغير التوم ابراهيم ولكنا عرفناه التوم ابراهيم النتيفة حين قرأناه في جريدة الميدان وهو يواصل عطاءه المكتوب عبر الصحيفة . ونشاطه الحزبي بدأه وهو يافع وطرئ العود ولكنه قوي الشكيمة ، فشب عليها وما شاب منها . ومن مآثره . في ذلك الزمان المتحرك زاحفاً سالكاً مسالك شتى .حين حدث التشتت لحين بل لشهور معدودات لم يكن فيها حزباً أو تجمعاً قادراً على تجميع مفاصله وشمله وشتاته ، للنهوض من وهدته مرة أخرى بعد الضربة التي تلقاها ، ومثلها وخاضها وعاشها الحزب الشيوعي بعد الانقلاب الذي قاده هاشم العطا في19 يوليو والمجازر والاعتقالات والاختفاءات والمطاردات التي رافقته (والتي سجل مسارها الكاتب اللبناني فؤاد مطر في كتابه ( الحزب الشيوعي نحروه ام انتحر) وكان الراحل واحدا من الاخرين الذبن اقاموا الليل بالنهار يجمعون الشتات بتجميع المفاصل والتفاصيل والاصول. ،وكنت شاهداً ومتابعاً وحضورا بل مشاركاً في هذا العمل البازخ والباهظ والبطولي . جاءني يوماً لاهثاً كعادته المنهكة تلك الايام دائماً ، واخرجني من المنزل الذي اسكنه في الخرطوم جنوب لعمنا ( عمر الحسن الحويج الذي غادر للعيش في قريته-المكنيه-وترك المنزل لابناء العائلة ) وكان ذلك المنزل يحتوي على ثلاث منازل داخله والراحل يعرف ذلك ويعرف انه المنزل الملئ دائما بالاصدقاء العزابة من كل شاكلة ولون خاصة اعضاء ابادماك التي ايضاً طالها القمع والتشريد بدعوى انها تنظيم تابع للحزب الشيوعي وفي هذه ، كذب النظام ، لأن اباداماك كان تجمعاً يضم في أحشائه كل الوان الطيف الثقافي بمدارسه المتنوعة ( تم اعتقالنا لاحقاً الاصدقاء عبدالله جلاب وعبدالواحد كمبال محجوب الشعراني وشخصي ) . وكان من سكان المنزل الدائمين اصدقاؤنا طلحة الشفيع والراحل عبد الواحد كمبال ومحجوب الشعراني والراحل عمر الدوش في زمن أخر وفي منزل أخر ، والذي بنى صداقة حميمة مع الراحل التوم ابراهيم وسآتي يوماً على ذكرها . اسرد هذا لأصل للمجازفة التي خضناها ذلك الزمان من الناحية الأمنية . فقد وجدت معه في سيارة جيب عرفت انها وصلت في حينها وتوها من مدينة عطبرة يقودها صاحبها عثمان السنجك ومعه من ..؟؟ إنه المطلوب بشدة من اجهزة الامن القمعية للقبض عليه حياً او ميتاً وتلعلع باسمه وسائل الاعلام الرسمية صباحاً ومساءاً .. إنه المناضل الضخم الفخم الراحل عبد الحميد علي وكان محاصراً في عطبرة وكان لزاماً اخراجه من عطبرة حد المجازفة بهذه العملية التي لم يكن حتى منزلنا مهئياً لها ولكنها الضرورة الملحة من ناحية تامينية وادخلناه ومرت ايامه ولكنها لم تكن مرت بسلام كلها فقد قمنا بعد أيام بتهريبه نهاراً جهاراً الى منزل ابن عمنا الطاهر الحويج لاسباب الخطر الذي داهم الجميع ذلك النهار .؛ غائظ الحرارة الطقسية ملتهب الملاحقة الأمنية ، وهذه يطول الخوض فيها واتمنى أن احكيها يوماً وإن كان وقعها قاسياً على السمع . رحم الله المناضل التوم ابراهيم النتيفة .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة