لنكون مُنصِفين فإن حمدوك جاء في توقيت وظروف يعلمها الجميع .. و في الوقت الذي كان يجب أن تسنده الحاضنة التي أتت به ( الحُرية والتغيير ) فإذا هي تتصارع مع نفسها وتنقسم وتتناحر بمبررات ليست سوي أجندة حزبية وأنانية مُفرطة في التعامل مع واقع البلد وأحواله .. يكفي أن أحد رؤساء اكبر الأحزاب ( السيد الصادق ) نصّب من نفسه الرئيس الشرعي للوزراء والحكومة ، ومنذ اليوم الأول لمجي حمدوك حكم بفشل المرحلة الإنتقالية ونادي بالانتخابات المبكرة وأصبح كل يوم تقريباً لديه إما بيان أو تصريح ينتقد فيه حمدوك وحكومته ويُخذِّل ! .. وفي الجانب الآخر جعل الحزب الشيّوعي أو بعض من قادته في صراعهم في الرؤية والمواقف مع حزبي الأمة ومن خرجوا من الحزب نفسه كالشفيع وآخرين صراع (داحس والغبراء) ليس للتصحيح للأسف ولملمّة الوطن وتوحد خط الثورة والشارع وإنما أيضاً لفرض أيدولوجيا لا تتفق مع بناء دولة في العصر الحديث وواقع العالم من حولنا ولظروف البلد وتعقيدات وضعه في تقديرنا .. إذ وقف جزء من قيادة الحزب الشيّوعي المُسيطرين علي مفاصله (الكسيحة) ضد أي تقارُب مع حزب الأمة و مجموعة الشفيع ومن خرجوا من الحزب لمصلحة الوطن .. وأستمر نهجهم هذا والذي أنتج إنقسام من كان الشعب يثق بهم في قيادة الشارع ( المهنيين ) بمبررات أيضاً لاتُراعي المصلحة العامة .. فتأخر تعيين الولاة وتأخر التشريعي ولم يقم المؤتمر الإقتصادي ، وتعثر السلام لعدم الإتفاق والتوافق حتي علي كيفية إدارة عملية التفاوض وسط كل هذه ( الهرجلة ) الحاصلة .. أضف إلي ذلك أن الجميع يعلم نوايا ما تبقي من اللجنة الأمنية للنظام السابق في تعطيل مسار الثورة نحو المدنية الكاملة والديمُقراطية والإستقرار ، مدعومين بالمحور الاماراتي السعودي المصري بكامل أجهزتهم الرسمية و الإستخباراتية .. هذا غير ( الكيزان ) وعناصرهم التي لاتزال مُتنفذة خاصة في القوات النظامية والأمنية والجيش والشُرطة بأمر ومباركة المكون العسكري أو جُزء منه ، ويفعلون كل ما يستطيعون لتعطيل وإفشال الفترة الإنتقالية والسيطرة عليها ، وذلك للأسف يجد هوي عند البعض و أشخاص بوزن ( السيد الصادق ! ) ، الذي يطمح من هذا في قطع الطريق أمام الفترة الإنتقالية للتسريع بإنتخابات تأتي به فقط وبحزبه مُجدداً لتُشبع نهمه غير الطبيعي في السُلطة .. إضافة لوجود حركات مسلحة مُنقسمة علي نفسها وبعضها له توافق وأجندة إما مع الخارج أو حتي مع النظام السابق ، و بعضها ذو تفكير إنفصالي يعتقد أن نجاحها سيكون في تقسيم السودان مرة أخري لإنتاج جنوب فاشل آخر بدلاً عن إستمرار النضال السلمي المدني لانتزاع الحقوق و الذي أسقط النظام السابق ولم تُسقطه البندقية !! .. ومعظم هؤلاء للأسف أحزاب علي حركات لا يستوعبوا معاناة الشعب و صبره الطويل وتضحياته التي أنتجت أعظم ثورة في العالم في القرن العشرين .. وتوالت علي فترته كذلك كوارث (كورونا ) والسيول والفيضانات .. فقولوا لي بربكم ماذا يفعل حمدوك وحده أمام كل هذا !! .. عيوب الرجل وبعض إخفاقاته يجب أن لا تُعمينا عن حماسه و إجتهاده الكبير في واقع مُر ومتأزم ملئ بالصراعات والتناحر والتعقيد يحتاج للتصحيح و توحُد الجميع ودعمه دعماً صادقاً وحقيقياً ، وترك الأنانية والأجندة الخاصة والإعلاء من شأن المصلحة الوطنية العُليا و لصالح هذا الشعب العظيم .. نضال عبدالوهاب .. 20 أغسطس 2020 ..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة