علماء الاقتصاد منذ الازل يقولون إن السلعة تخضع لقانون العرض والطلب الذي يعتبر المعيار الوحيد لتحديد الاسعار ، لذلك على حكومتنا أن تعمل على خلق الوفرة في السلع عن طريق فتح الباب امام الجميع للتنافس الشريف ، والغاء الاحتكار الذي فرضه النظام البائد ، كما عليها ان تفتح السوق امام شركات التجزئة العالمية لفتح متاجر عملاقة ( هايبرماركت) حتى تعمل على توفير السلع لأنها هذه الشركات تشتري السلع بكميات كبيرة جدا مما يجعلها تحصل على اسعار رخيصة جدا تستطيع من خلالها ضرب هذه المتاجر التعيسة والتجار اللصوص الذين تعود على جمع المال بدون رحمة. ونتمنى ان تسن قوانين سريعة من أجل ذلك في مقابل تشغيل الشباب السوداني ، كما فعلت بعض الدول التي تمكنت من القضاء على الاحتكار و توفير السلع بسعر معقول في متناول الجميع.
وتستحضرني حكاية عند تشكيل حكومة الديمقراطية في عام 1985 كانت مناصفة بين حزبي الاغلبية الامة والاتحادي الديمقراطي ، وقد كان في هذه الحكومة مجموعة من النجوم على رأسهم الدكتور محمد يوسف ابوحريرة وزير التجارة الذي تمكن بكل هدوء من توفير السلع وضبط الاسعار دون طبل او زمر ، وذلك عن طريق الوفرة فقط ، ولم يطارد احدا او يلاحق احدا ، حتى ضج التماسيح الكبير من هذه الاجراءات المتحضرة واشتكوا السيد محمد عثمان الميرغني رئيس الحزب الذي رشحه لهذا المنصب ، وشكوا في اتحاديته واتهموه بانه شيوعيا احمر يكره الرأسمالية. وبلاشك في ذلك الوقت كل من يعمل عملا من أجل المواطن المغلوب على أمره يتهم بالشيوعية الالحاد، مثلما يحدث الآن من الجماعة المخلوعة.
وقد اتبع الدكتور ابوحريرة خطوات راقية ومتحضرة ولم يذهب للبحث عن البضائع ومداهمة المحلات ، بل كان قد وعدهم إن لم ينضبطوا ستدخل سلع من غيرهم حتى تنافسهم ، وقد حدث مما اضطر التجار إلى العمل بكل شفافية والاسعار تراجعت في بعض السلع إلى التسعيرة المحددة ، ولكن تحت ضغط التجار اضطر الصادق المهدي رئيس الوزراء أن يقوم بحل حكومة تضم 25 وزيرا ، ويعيد تشكيلها مرة أخرى ويعيد 24 من الوزراء السابقين حتى يتخلص من ابوحريرة الله يرحمه ويغفر له.
ونتمنى من الوزير الثائر مدني عباس مدني الا ينصاع لضغوط تجار الجبهة الذين يريدون أن يسيرونا كيفما يريدون . وعليه أن يتصرف بسرعة ويوجه لهم ضربة قوية تتمثل في اتاحة الفرصة للكثير من السودانيين الشرفاء الذي يمتلكون اموالا بالخارج ويريدون أن يخدموا بلادهم بادخال البضائع وخاصة التي بها ندرة مثل القمح والسكر وكافة السلع الضرورية والأدوية باستخراج تصاريح مؤقتة قبل استخراج سجلات تجارية أو تراخيص وغيرها من الاجراءات لمدة مؤقتة ، حتى يستقر السوق ويستقر سعر الصرف.
ولا اشك في وطنية الثائر السيد مدني عباس مدني وزير التجارة الذي نجا من الموت مرتين خلال الاعتصام بالقيادة. من أجل هذا الوطن الحبيب ان يتوانى في القيام بمثل هذه الخطوة, لأن حدوث الندرة في السلع والخدمات بلاشك سيؤدي إلى اضعاف الحكومة وأظنه لا يرضى بذلك.
ومن يظن أن نظام الكيزان سيعود للحكم لايفهم ولايعرف كيف يقرأ التاريخ لأن هذا النظام الفاشل قد فقد شرعيته بقرار من الشعب ، الذي قال كلمته ولن يسمح للنظام البائد التلون او الالتفاف على الثورة والثوار. وقد رأينا خلال الفترة الاخيرة كافة المحاولات الخبيثة من الكيزان الالتفاف على الثورة قد تم كشفها فورا ، لذلك عليكم أن تعلموا تمام العلم لو متنا جوعا لن تعودا للحكم مرة أخرى حتى عن طريق الانتخابات لن تجدوا من يمنحكم صوته بعدما عرف من انتم.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة