• نعم للحرية لا لتكميم الأفواه..الحرية في اعتقادي هي من أهم الحقوق التي منحتنا إياها الثورة السودانية المجيدة التي أذهلت العالم بتفردها في كل شئ، فجاءت قوية بدون عنف وسلمية من غير استسلام ومثابِرة بلا يأس، حتى حققت أهدافها، وأهدتنا حقوقاً عظيمة في حرية الكلام والكرامة الإنسانية.
• انتهى نظام الإنقاذ وانتهت معه مشاهد الأجهزة الأمنية المدججة بالبنادق والمسدسات وهي تقتحم مقرات الصحف وتعتقل رؤساء التحرير والكتّاب بسبب كلمة أو مقال أو تحقيق مغاير لما هو سائد من مدح وثناء مطلق للحاكم وحكومته وحزبه.
• نعم، كان ذلك هو الفهم الذي ترسّخ لدى جموع المواطنين عقب سقوط النظام البائد، أي أن الثورة التي أزالت نظام الإنقاذ قد أزالت معه كل آثاره وأبواقه وقيوده، وأعادت للمواطنين حريتهم السليبة، ولكن فوجئ الجميع بما أوردته الصحف المحلية (21/7/2020م) من أخبار بأن السلطات منعت عدداً من الصحفيين والقنوات الفضائية الخارجية من الدخول لقاعة المحكمة الخاصة بمحاكمة رموز النظام السابق وعلى رأسهم البشير، وسمحت السلطات بدخول تلفزيون السودان وبعض القنوات المحلية لتغطية وقائع الجلسة بينما ظل الآخرون خارج مبنى المحكمة.
• منع الصحفيين من تغطية مثل هذا الحدث يُعتبر نكسة وتكميم للأفواه دون أدنى مبرر، ومحاولة يائسة للعودة إلى عهد الحزب الواحد والصحيفة الواحدة، عهد الاختطاف والانتهاك واقتحام منازل الآمنين في أنصاف الليالي.
• كما أوردت ذات الصحف المزيد من أخبار التراجع والانتكاس عن مبدأ الحرية بما صدر من الجيش من بيان يؤكد فيه فتحه بلاغات لدى النيابات ضد ناشطين وإعلاميين داخل وخارج السودان بسبب إساءتهم للجيش، وأن الجيش فوّض أحد الضباط ومعه مساعدون لفتح البلاغات ومتابعة الشكاوى في هذا الشأن.
• يستطيع هذا الشعب العظيم أن يتحمّل شظف العيش ويصبر على الأداء الضعيف للحكومة الانتقالية، ولكنه لن يقبل المساس بمكتسات ثورته المجيدة في الحرية والشفافية وسيادة حكم القانون.
• كل أجهزة الدولة المدنية والعسكرية لها احترامها وشخصيتها الاعتبارية، ولكن لا يعني ذلك أن لها قدسية تجعلها فوق النقد. فجميع هذه الكيانات منشؤها هذا الشعب وإليه تعود، وبالتالي لا مجال للحيلولة بين المواطن وبين هذه الكيانات من حيث تفحّص أدائها وتقييم سلوكها ونقده بما لا يتنافي مع القانون وروح القانون ومقاصد القانون.
• على الأجهزة الحكومية أن تدرك أن العقلية الأمنية المحفوفة بالشك وسوء الظن بالصحافة والصحفيين، قد ولّى زمانها وانطفأ بريقها وزال صولجانها إلى غير رجعة.
• ثورة ديسمبر فتحت صفحة جديدة في التاريخ السياسي السوداني. صفحة ملؤها التسامح والتحابب والمصارحة والانفتاح والشفافية.
• الشعب الآن أوعى من أن تجذبه الشعارات الرنانة الخالية من أي مضمون، فقد استبدلت الثورة الشعارات المتطرفة لعهد الإنقاذ على شاكلة (فَلتُرَق كلّ الدِّماء) بشعارات الإنماء والإعمار والإحياء (ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا)، والدين يظل مكينٌ في قلوب الناس ووجدانهم ينير طريقهم ويهذب سلوكهم وينظم علاقاتهم البينية.
• عليه، لن يكون هناك مجال بعد اليوم للسباحة عكس التيار، فالكل يتطلّع إلى رؤية الحكومة والمجلس السيادي والقوات النظامية وهي تتولّى قيادة مسارات التغيير التي أوجدتها الثورة الشبابية لا العودة إلى أساليب المنع وتكميم الأفواه وفتح البلاغات ورفع الشكاوى ضد الصحف والصحفيين.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة