الدستور الإنساني مصدره روح القرآن في آياته المكية (أصول القرآن).. والدستور في جملته يجعل الدولة موظفة لخدمة الإنسان، من حيث هو إنسان، بغض النظر عن عقيدته او نوعه او لونه.. فالناس متساوون في الحقوق وكل إنسان غاية في ذاته.. ولا يحق لأحد بحكم الدستور أن يتخذ آخر وسيلة حتى لو كان أبلها أو معتوها.. هذه المبادئ أسستها الرسالة الثانية من الإسلام، وهي تحقق حياد الدولة تجاه المعتقدات الذي يطالب به دعاة العلمانية ويسمونه (علمانية الدولة) في محاولة للتنصل من فلسفة العلمانية السافرة!! ولكن بنظرة عميقة لهذا المصطلح (علمانية الدولة) نجد أنه بعيد كل البعد عن المبادئ الإنسانية المرتكزة علي روح القرآن.. فعلمانية الدولة عندهم تعني فصل الدين عن الدولة وهنا يبرز تناقض واضح.. فانتهاك حقوق الناس ومصادرة الحريات تجسده الدول العلمانية بأبشع مما تفعل الدول الأخرى.. وعلى سبيل المثال الاتحاد السوفيتي كان يطبق علمانية الدولة لكنه كان أسوأ نموذج في انتهاك الحريات وحق تكوين الاحزاب والتنظيمات الفكرية.. وكذلك المانيا النازية وكوريا الشمالية ......الخ.. فكل هذه الدول قائمة على علمانية الدولة لكنها لم تكن يوما محايدة تجاه معتقدات الناس وأطروحاتهم الفكرية!! وفي الحقيقة الانتهاكات التي حدثت تحت غطاء (علمانية الدولة) في هذه الدول يعف القلم عن سردها!! فما الذي يدفع بعض المثقفين لأن يدافعوا عن علمانية الدولة ويجتهدوا في استحداث معان جديدة لتلميع هذا المصطلح!!؟؟ من المؤكد العلمانية في أي مستوى من مستوياتها، ومهما جملها دعاتها، فلن تكون البديل في السودان وذلك لأن السودان تربته الاجتماعية دينية ولا يمكن ان تعالج مشاكله إلا ببعث الدين من جديد في مستوى اصوله.. الدستور الإنساني كما أسلفنا مصدره روح القرآن، ومعنى هذا أن الدين حاضر بقوة، بل هو الأساس في تحقيق العدالة في المجتمع بمن فيه من اصحاب المعتقدات غير الدينية.. وتشهد على ذلك تجربته في مكة علي مدى ثلاثة عشر عاما وكذلك تجربته لدى الهجرة في (وثيقة) دستور المدينة التي جمعت الناس على اختلاف معتقادتهم تحت هذه الوثيقة ردحا من الزمن.. ختاما لا أرى أي عذر لمثقف سوداني خائف من الهوس الديني أن يتبنى علمانية الدولة كبديل فالحل مبوب في فكرة تطوير الشريعة من فروع القرآن إلى أصوله.. أما الذين ينادون بعلمانية الدولة فقد تركوا ميدان الدين خاليا للهوس ليسرح ويمرح ويضلل الشعب من جديد باسم الدين فالشعب يستحيل أن يتخلى عن دينه الذي ينتظر منه صلاح دنياه وأخراه ويفصله عن الدولة!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة