في مقولة لأستاذنا الروائي الكبير ، الطيب صالح، أن الشخصية السودانية قد حباها الله وأكرمها بحب الأخرين لها اينما حلت في بلاد الدنيا...وهو حب صادق ولوجه الله ؛ وكلما حل سوداني بارض غريبة وجد في استقبله من يرحب به وكأنه قد جاء خصيصا لاستقباله رغم انه يؤدي عمله اارسمي ولكنه يتبعه بابتسامة ومودة للزائر السوداني بغض النظر عن سبب الزيارة أو المهنة والوظيفة... كان ذلك الحب والتقدير أكثر قوة وبروزا وملاحظة بين الجاليات قبل مجئ ( الانقاذ ) ...وبعده أخذ بريق الابتسامة يخبؤ ثم يتلاشي رويدا رويدا في بعض المواني والمطار بسبب السمعة السيئة لحكومة الانقاذ ورموزها . الشخصية السودانية ، قبل الانقاذ، كانت محبوبة ومرغوبة في كل المواقع التي يعمل بها خاصة في الدول الخليجية. واذكر في بداية الثمانينيات من القرن الماضي ان تم انتدابي وزميل اخر للعمل في احدي هذه الدول..وفي الأسبوع الثاني لوصولنا كنا نقوم بجولة في أسواق المدينة فوقفنا انا وزميلي مندهشين امام معرض للسيارات الامريكية الفارهة معجبين بجمالها وتعدد ألوانها فقد كنا من قبل أسيرين لسيارات ( الفيت) و( الهيلمن) والتيوتا كريسيدا) التي تعج بها طرحات السودان. وسألني زميلي متعجبا ان كان في الحلم ان نمتلك مثل هذه السيارات الفخمة المخيفة في ذات الوقت؟ وفي أثناء الفرجة المجانية من خلف زجاج الم############، قدم علينا مدير المعرض ملوحا ومرحبا بدخولنا ...وقد اكرم الرجل وفادتنا ورحب بنا كسودانيين جدد في المدينة وذلك واضح من سلوكنا وكلامنا الذي لا يزال ( بكرا) ولم يتأثر باللهجة الخليجية...وعرض علينا ان يختار كل منا السيارة التي تعجبه...كان الامر اندهاشا...كيف يتم ذلك والرجل لا بعرفنا ..ونحن لا نملك من المال ريالا فضلا علي ذلك فان اجراءات توظيفنا لم تكتمل بعد... ولكنه هون علينا الأمر قائلا ، اولا أنتم من السودان الشقيق وهذا هو المهم وتضمنكم الثقة والأمانة التي عرف بها أهل السودان...واما التوظيف فسوف يتم وانها مسألة وقت ليس الا..ووقتها سوف نقوم بتقسيط قيمة السيارة بالوضع الذي يريحكما تماما...وقد كان...فبعد اسبوع أخر كان كل منا يتجول بسيارته الفارهة في شوارع المدينة دون ان ندفع ريالا واحد..بفضل السمعة الطيبة لأهل السودان. وهناك الكثير الكثير من المواقف المشابهة التي تجعلك تشعر بالفخر والاعجاب والشكر لله بانك سوداني. أقول وأحكي ذلك وفي الخاطر ما تنادي عليه الثوار في الثلاثين من يونيو ، حيث خرجت الجماهير الهادرة وهي تطالب بتصحيح مسار الثورة...وهي مطالب نعرفها جميعا ونقر بشرعيتها ونأمل ان يتم تحقيقها هذه المرة...ولا أظن انني في حاجة لأعادة التذكير بتلك المطالب...ولكنني اضيف اليها مطلبا غاليا لم اجده من ضمن المطالب التي تبحث عنها الجماهير...انا ابحث عن زول لطيف وظربف هرب منا أيام الانقاذ ونطالب بعودته فورا...انه وجه السودان المشرق ، الطيب ، السمح، البشوش المرح..فقد غاب كثيرا عن الواجهة ولم يعد يمثلنا في الخارج...بل غاب ايضا في الداخل فغابت معه معاني الالفة والمحبة والرجولة والكلمة الطيبة. نحتاج لعودة الخال السمح والجد الحنون والجار السند ...نحتاج الي فتح الباب والشباك والنفاج بين البيوت والامن المحروس بين الاهل في الحضور والغياب. نحتاج الي عودة هذا الزول الهارب ...الي بسمته الصافية النقية...الي جوده وكرمه و( حرم مدفوعة). تري...هل هذا بالشيئ الصعب بان ترجع الفروع الي اصولها والجذور حيث منبتها وتربتها الصالحة؟ هل تحتاج عودة السوداني الطيب الصبوح الذي نعرفه الي اجراءات واعادة هيكلة...ام ان الامر يحتاج الي مليونية جديدة لعودة الزول الهارب؟
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة