تتناقل بعض وكالات الأنباء، هذه الايام، اخبارا متضاربة عن الاشتباكات العسكرية التي حدثت علي الحدود الشرقية للسودان عند ولاية القضارف تحديدا وتوترها في ثلاث مناطق اخري في المنطقة الشرقية لنهر عطبرة. هذه المنطقة الحدودية تمتد لنحو 260 كيلومتر وتسكنها من الجهة الاثيوبية قبائل معروفة بخلافاتها مع السلطة المركزية في أديس أبابا ويهمها جدا إثارة القلاقل الحدودية بسبب او بدونه ويتعاطف معهم في ذلك بعض افراد القوات المسلحة الاثيوبية المنتنية لتلك القبائل خاصة في موسم الزراعة في أكثر من منطقة حدودية وليست ( الفشقة) وحدها. أيضا هناك حساسيات قبلية وتعقيدات سياسية وقوميات اثوبية متنافرة تتفق وتختلف مع السلطة المركزية مما يجعلها عاجزة من إتخاذ القرار بسبب ذلك الوضع الاثني والمرحلة الانتقالية التي تمر بها اثيوبيا بل ان التركيبة القبلية والدينية لرئيس مجلس الوزراء تعطينا افادة عن مدي التعقيدات التي تمر بها الجارة الشقيقة اثيوبيا. فرئيس مجلس الوزراء هو من قبيلة اورومو ومسيحي الديانة وأبوه من ذات القبلية ولكنه مسلم ، اما والدته فهي مسيحية من قبيلة الامهرة وكذلك زوجته مسيحية ومن ذات القبيلة. أضف الي ذلك وجود عصابات الشفتة والمرتزقة علي امتداد تلك الحدود بل وداخل مدينة القضارف وحتي مدينة كسلا ويهمها جدا زعزعة الوضع الأمني علي الحدود لتسهيل عمليات التهريب واختطاف الرهاين وطلب الفدية بغض النظر عن جنسية الضحية. ورغم ان هذه المناوشات الحدودية قديمة وعايشتها كل الحكومات الا ان ذلك لا يعني تقاعس السلطات في حسمها وحماية الاراضي السودانية...وفي ذات الوقت دون ان يؤثر ذلك في علاقاتنا التاريخية مع الشعب الأثيوبي، اقرب الشعوب الإفريقية إلينا..أرضنا وحبنا وتقاربا ...فقد كانت أرض اثيوبيا دائما هي الملاذ الآمن لكل ةلمعارضيين السودانيين منذ هروب المك نمر إليها عام ( 1823) واستقراره في مدينة المتمة الاثيوبية وكذلك الهادي عبداارحمن المهدي الذي قتل علي اطراف حدودها مع الكرمك..فضلا عن اتفاقيات السلام منذ عهد الامبرطور هيلاسلاسي والوساطات السياسية المتعددة للساسة السودانيين وآخرها الدور الكبير والمؤثر الذي قام به الرئيس الأثيوبي د.ابي احمد في وساطته بين العسكر والمدنيين بعد نجاح ثورة ديسمبر المجيدة. كل تلك الوقائع التي ذكرناها تكاد تكون معروفة ومعلومة ولم ات انا بجديد...ولكن الجديد الذي يجب التذكير به فهو ان التوافق الشعبي والحكومي بين السودان واثيوبيا لا يرض الكثيرين من اللاعبين السياسيين في المنطقة ويهمهم جدا ان تشتعل نيران الفتنة والخلاف بين الطرفين فهناك العديد من الاجندة الاقليمية لا يمكن تمريرها الا من خلال الخلاف السوداني الاثيوبي..والقيادة السياسية والعسكرية في البلدين علي علم ودراية بذلك وبالتالي نتمني العمل بإخلاص وحب ومودة معالجة المشكلة الحدودية فالعلاقات بين البلدين والمودة والمحبة بين الشعبين أشد عمقا واتساعا من امتداد الأرض الحدودية. د.فراج الشيخ الفزاري [email protected]
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة