لن يُشكك أحد في الدور الكبير الذي لعبه تجمع المهنين السودانين في أحداث الثورة وكل مراحلها حتي إنتهاء مرحلة التفاوض وبداية الفترة الإنتقالية .. وكان رأس الرمح لكل التظاهرات التي خرجت وقائداً لها ، ووضع جميع الثوار ثقتهم فيه لقيادة العمل في تلك الفترة الهامة من عُمر الثورة وبداياتها .. وأصبح التجمع جزء أصيل من تحالف قوي الحرية والتغيير وهو التحالف الذي واصل قيادة الثورة ولا زال يواصل مسيرته من خلال مرحلة السلطة الإنتقالية الحالية .. ولاسباب عديدة قد يكون هنالك تراجع واضح في الفترة التي أعقبت إنتهاء مرحلة التفاوض وبداية حكومة الثورة للتجمع ، ولعل تركيز كادره القيادي علي العمل داخل التحالف ، بالإضافة لعدم وضوح الرؤية نفسها لعمل التجمع مابين الشقين السياسي والنقابي والتداخل بينهما ، وعلي إعتبار أن الأجسام التي يتكون منها التجمع بالأساس هي أجسام نقابية وخدمية ، ومع ذلك هنالك دور سياسي مباشر وقع علي عاتق التجمع بإعتباره جزء من تحالف سياسي يقود مرحلة السلطة الإنتقالية سياسياً وله العديد من المهام الواجبة ، ومرّ تجمع المهنين ببعض الركود مع وجود فراغ واضح مابين قيادته السابقة و قواعد التجمع ، خاصة بعد توسعه وإنضمام العديد من الأجسام المهنية تحت مظلته ، ولعله قد تعرض لعدد من الإشكاليات التنظيمية الداخلية ، وزاد من هذا الإشكال الذي إنتظم قيادة المهنين تقدم أحد قادته من المؤسسين بإستقالته من السكرتارية و التي كانت تضم (6) أشخاص ، مع إستمرار توزع البقية داخل هئيات الحرية والتغيير القيادية كممثلين للكتلة داخلها .. ومع توسع التجمع وإختزال العمل القيادي في أجسام محددة وكذلك الفراغ الأخير الحادث بالقيادة ظهرت الحوجة لترتيب عمل التجمع وعمل إنتخابات داخلية لإختيار سكرتارية جديدة ، وهذا ما حدث بالفعل ، وتم الإعلان عن سكرتارية جديدة من (9) أشخاص ، ولكن ما أن أُعلنت النتيجة حتي ظهرت الكثير من ( حرب البيانات ) بعضها يُشكك في الطريقة التي تمت بها الإنتخابات ويُعلن عدم إعترافه بها ، وبعضها يُقر بصحتها ، بل وذهب البعض مطالب بإعادتها وآخرون هددوا بعمل تجمع موازي مما يُهدد وحدة التجمع نفسه وإستقراره ، وكان الرأي الغالب لمن عارضوا نتيجة الإنتخابات هو رفضهم لسعي ( الحزب الشيوعي ) تحديداً ومن خلال عضويته بأجسام التجمع أو المتحالفة معه من بعض ( الديمقراطيون ) للهيمنة علي السكرتارية الجديدة والتي بدورها تُمثل داخل تحالف الحرية والتغيير ، وفي هذا إشارة وإتهام للشيوعين بمحاولة ( تكبير كومهم ) داخل التحالف لتمرير أجندتهم السياسية داخله وكذلك للإستفادة من ذلك في الإختيارات التي تتم في هياكل السلطة الإنتقالية القادمة ! .. لعله ليس من الخافي عن الجميع ما يمر به التحالف نفسه في الحرية والتغيير من إشكالات ، ومطالبات هنا وهنالك بالتصحيح .. إذاً وبكل وضوح جاءت أزمة إنتخابات التجمع لترمي بظلال سالبة علي مُجمل الخط التحالفي للحرية والتغيير ، وهذه حقيقة ، وحتي الذين يدافعون من داخل تجمع المهنين عن نتيجة الإنتخابات قالوا بأن التجمع في الأساس مطلبي وخدمي وليس سياسي حتي يقوم علي الترضيات والوفاق ، وفي ذات الوقت تجاهل هؤلاء حقيقة أن التجمع يقوم بدور سياسي في الأصل ، سواء من خلال وجوده في التحالف نفسه أو من خلال الكادر الذي يتم تصعيده منه لهياكل السلطة الإنتقالية والنسب التي تخصه داخلها ، إضافة لوجوده داخل مختلف لجان الحرية والتغيير وتمثيله .. مع التذكير أنه إلي الآن لم تتم إجازة قانون يُنظم عمل النقابات .. رأينا وبكل وضوح أن المرحلة ليست للأجندة الحزبية داخل التحالف ولقيادة المرحلة الإنتقالية ، ولا بدّ من العمل علي تقوية الخط التحالفي لكل المنظومة السياسية داخل الحرية والتغيير ومن بينها تجمع المهنين بالطبع ، وعليه لا مجال لفتح منافذ لتشتيت إنتباه القوي السياسية أو دخولها في صراعات ليس وقتها ولا تفيد غير أعداء الثورة ، والذين ظلوا يعملون ولا يزالون بكل قوتهم لتكسير التجمع وتفتيته عبر أذرع خارج وداخل السلطة الإنتقالية ، ويمتد مخططهم لتفتيت التحالف نفسه وإفشال كامل الفترة الإنتقالية وسلطتها .. علي كل مكونات التحالف الإنتباه لهذا بإستمرار .. لذلك فلا بدّ من التعقل ، وعلي إخوتنا في السكرتارية الجديدة المبادرة للحل التوافقي غير المُخِل بأُسس العملية الديمُقراطية ، ولا بأس من إستمرار القيادة الجديدة لفترة مؤقتة وليست دورة كاملة ، علي أن يتم التنسيق مع كل الأجسام المنضوية تحت التجمع والقوي السياسية التي تتبع لها الكوادر النشطة بها للدخول بقائمة موحدة للإنتخابات تعكس خط التحالف القائم أو علي الأقل تعطي فرصة كافية لكل للأجسام لإنتخاب من يمثلونها ديمقراطياً علي أن يتم إختيار أو إنتخاب السكرتارية الجديدة من بين هؤلاء الممثلين لكل القوي .. أخيراً ليس هنالك كاسب حالياً من تداعيات ما يحدث غير أعداء الثورة ، ولن يكون هنالك خاسراً إذا ما تم تصحيح الوضع بتعقل في إتجاه تقوية الخط التحالفي والمحافظة علي روح العمل الثوري الجماعي حتي الوصول لكل غايات المرحلة الإنتقالية ، تماسك تجمع المهنين ووحدته هام جداً في تشكيل حائط دفاع مؤثر وقوي للثورة مع قوي الشارع الأخري .. نضال عبدالوهاب .. 17 مايو 2020 ..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة