هل تذكرون هذه الأغنية التي كانت النسوة يتغنينها بعد أن قام ضابط شرطة بتفتيش كوافير، وضبط سجارة بنقو في سيارة صاحبته، وقبل ان يصل بصاحبة الكوفير للقسم، تم الاتصال به ونفيه إلى منطقة حدودية بين أفريقيا الوسطى والسودان، حيث يتم زراعة البنقو هناك، وتم تصويره مكسور الخاطر والسفنجات على قدميه، تلك الصورة المضحكة التي تكشف عن قيم المجتمع السوداني، الذي إذا سرق الشريف تركوه وإذا سرق الضعيف أقاموا عليه الحد. نعم..بالتأكيد تذكرون ذلك، والآن يتكرر نفس المشهد، ثلاث فتيات لهن نفوذ مع أحد شخصيات مجلس السيادة، (هي فضل فيها سيادة أساسا)، يقمن بإذلال رجل شرطة لأنه أدى وظيفته، فيصاب الملازم بالجنون، ونراه يهرول خالعا ملابسه كالسامري الذي كتب عليه أن يسير في الأرض وهو يقول: لا مِساس..لا مِساس.. قلنا ألف مرة أنه لا يوجد رجال دولة، لا في مجبس سيادة ولا مجلس وزراء، وقلنا بأن هذه هي ثقافة الفقر والجوع، أي الثقافة التي لم تترقى بعد لتنظر للدولة كمنظومة مؤسسية، ذات كيان اعتباري. وأن المسؤول ليس أكثر من موظف ينال راتبه الشهري لا فرق بينه وبين الخفير. قلنا بأن ثقافة الفقر، انتقلت عبر ديموقراطية التعليم، إلى الطبقة التركوازية، وأسميهم بالتركوازيين لأنهم وجه مشوه بين البروليتاريا والبرجوازية، إذ يملكون روح العبيد وحظ الطبقة الوسطى في التعليم. وهذه الطبقة المشوهة، هي التي لا تشبع أبداً، ولديها نوازع انحراف مترسبة من أيام الجوع... دعونا نجمل الصورة ونذهب بعيداً إلى المجتمعات المحترمة، ككندا مثلا.. ففي كندا قامت الحكومة بزيادة مرتبات الأطباء، غير أن الأطباء خرجوا في مظاهرة، ينددون بهذه الزيادة ويرفضونها ويطلبون من الحكومة توزيع هذا المال على المحتاجين للدعم الاجتماعي. احد الأطباء قال بأنه يسكن هو وزجته وابنته في شقة لطيفة، ولديهم علاج مجاني وتعليم مجاني لابنتهم، فلماذا يسرق المال ممن يحتاجونه. أما الأطباء هنا والذين يحصل المناوب منهم على قرابة خمسة واربعين ألف جنيه، فقد رفضوا العمل أثناء الكورونا واعترضوا لأنهم يحصلون على بنزين لسياراتهم مثل باقي الشعب فيضطرون للوقوف في الصفوف. هذا هو الفرق بين ثقافة العين المليانة وثقافة الجوع. ولذلك ليس غريبا أن تتغنى صاحبة الكوافير (حتدقا..يا عبد الله).. ثم يتبعنها الثلاثي السيادي.. (ماقلت حازم... يا ملازم) والساقية لسة معفنة... مرسل من Outlook Mobile
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة