حجرٌ في شجرة تستريح عندها العصافير

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-11-2024, 12:42 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-10-2020, 04:47 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
حجرٌ في شجرة تستريح عندها العصافير

    04:47 PM May, 10 2020

    سودانيز اون لاين
    عبدالله الشقليني-
    مكتبتى
    رابط مختصر








    حجرٌ في شجرة تستريح عندها العصافير

    يا سيِّدتي:
    كنتِ أهمّ امرأةٍ في تاريخي،
    قبل رحيل العامْ.
    أنتِ الآنَ.. أهمُّ امرأةٍ
    بعد ولادة هذا العامْ..
    أنتِ امرأةٌ لا أحسبها بالساعاتِ وبالأيَّامْ.

    نزار قباني

    (1)

    لستُ أول من يهتمّ،
    ولستُ آخر من ينزوي من المفاجأة التي تطرُد الفرح،
    وتقذف الأغنيات بماء النحيب لعلنا نشفى أو نشقى.
    هذا يومٌ بدأ كما بدأ صباح الحادي عشر من سبتمبر:
    ( أرجل إلى المصاعد، وهواء يتجوّل بين الأمكنة،
    وأرواح تتقاطر صبح يومٍ ... له ما بعده.)

    (2)

    لستُ أول المُحبين ولا آخرهم.
    كان بيني وبين الحنين حبل الوريد،
    إن انقطع، تَمُد أذرعتها الأرواح بأثداء الحليب،
    فتبدأ الأمومة سيرتها في دروب الزّمان، أغنيةً لن يقتُلها التردّيد.

    (3)

    لِمَ الفزع ؟
    صُراخ الرُصاص يُفزع الأذان أول مرة،
    وتشتعل مطارق الأذن الداخلية لتتواؤم مع الخراب،
    كي تحيا و تتمرّن السوائل على الغرائب.
    ما أعجب الغرائز!
    منْ الذي جمَّع الجماجم فارغة من اللحم والكساء؟
    من الذي نبّه أن البِشر يتحسّسون أكثر مما ينبغي؟

    (4)

    جاء الغروب كما اعتاد المجيء كل مرّة.
    شجرة من دون الأشجار سامقة،
    كثيفة اللحاء والأفرُع والأوراق والجزوع.
    تنام في بطنها العصافير صغيرة،
    وأصغر منها صغارها هناك في أعشاشها، وكل العصافير تُغرّد في ذات الوقت.
    إلى الراحة استأنس الجميع من بعد يوم عسير هنا، وهناك ظلمة تتبدى،
    فالرزق بيوته مفتوحة إلى امتداد الأفق.
    ثم جاء الحجر قاصدا الشجرة...
    وفرّت الطيور من فزع.
    *
    تأخر عن لقاء جنّة عُمره عشرين عاماً. ضجّ الكون من أقصاه إلى أدناه. عُلّقت المصابيح على الأيدي مرفوعة ليعرف الحفارون مواضع النوم الأبدي. أغلقت الضفاف الخُضر أبوابها دون الأفراح، وصار النهر مقبرة النفايات وتسممت الدُنيا. فكيف تأتى لها أن تلقاه فجأة وقد انتصب أمامها ، فرحا دخل عليها صدفة سعيدة، يأتي في العمر مرة واحدة !.
    جاءت صورته أول ما خط رسمها من بؤبؤ العينين، وتضاربت الألوان وترجمان يقف في البرج عند قمة الجسد الآدمي، قالت لنفسها:
    - إنه هو!
    وفي لمح البصر تبعثّرت الذاكرة، وانتفضت هيّ فرحة أن أحلاماً سحيقة نبتت من ظلمات تكوينٍ قديم، وتشكّلت رجل مُكتهل في شبابه، كأنما تجارب الحياة مرّت عليها من نافذة قطار بخاري. الأرواح تلتقي وتتناسخ كل دهر جديد، ليس عند الدروز وحدهم بل وهنا أيضا. وقف أمامها أول مرّة. غريبٌ هذا الكون يجمع أصدافاً في مسبّحة، كانت متناثرة في البحر. ذاك النور الإنساني الذي يشفّ ما حوله ينفتح الآن شمسٌ مشرقة، انطلقت تحفّ بالأكوان من حولها. إن خيارات العُمر التي مضت كانت ظالمة لها وظالمة له.

    (5)

    ارتبكّت من بعد رجّة المفاجئة. انتظر هو المصطافين على شواطئ العمل الخاص. ولم يأتِ دوره بعد . قرر بعد طول انتظار أن يأتي مرة أخرى ثم اعتذر بلُطف.
    قالت:
    - وأنت في طريقك إن كان لديك وقتاً، أيمكنك أن تغشى البنك وتودِع عني مبلغاً ؟
    قال:
    - نعم.
    قالت:
    - هو هذا المال، خذه وأودعه هناك بالاسم المكتوب ورقم الحساب وهما مسجّلان على الورقة.
    قال:
    - خُذي بطاقة السيارة فأنتِ لا تعرفينني، وقد لا أعود. وهذه طيبة أكثر مما تتطلب الحيطّة، فأنا هنا جئتُ أول مرّة.
    قالت: أنت صباح خير... اذهب وأودع ما طلبت وعُد حين ترغب.
    على طاولة المكتب ترك بطاقة ملكيّة السيارة وذهب مودّعاً بكلمات طيبات ولم ينتظر رداً.
    هذا أول لقاء وثمرة الحصاد وقد مسّه الخير كله، ونبتت بذرة محبّة، سقاها الزمان من بركه المفتوحة للسقيا. رجع في ذات اليوم وانتظر حتى خفّ الحضور، وانقطعت الأرجل إلا منه ومنها.
    قال:
    - لقد قمتُ بما طلبتِ. وعذّبني قلبي إلاّ أن أرجع.
    نظرت إليه وابتسمت. كانت تعرفه في أحلامها، وصاح الطالع: اليوم أمرُ وغدا فليكن أي شيء. قضيا وقتا يتحاوران بلا كلام، إن في الصمت كل الكلام المختبئ عن التصريح، فالعيون أثداء ترضع الصمت الحديث. قال لها في صمته إنه صار من أسعد الناس، بدأ العمر من هذا اليوم. قالت وهي صامتة إنها سعيدة وأن حياتها قد بدأت اليوم، وأن قلبيهما صارا رفيقين. مضى الزمان سريعا. ركبت سيارته بعد انتهاء ساعات العمل، وسارا في الطريق تحفّهما أشجار الطريق وصفير الريح، وعرف هو مسكّنها. وودّعته وودّعها. إن اليوم الذي يشرق سيصبح عيدا لهما فالصدفة خير من ألف موعد. هكذا بدأت علاقتهما.

    عبدالله الشقليني
    18 مارس 2009

    *























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de