هناك نقاط قانونية تحدث عنها ببراعة الأستاذ بارود صندل، وأعتقد أن حقبة ما بعد نهاية القحاطة ستشهد نشاطاً قانونياً محموماً جداً، (سبوبة وانفتحت) خاصة أنني متأكد من أن هناك عدة نقاط جوهرية، من ضمنها: أولا: ما حدث من لجنة التفكيك واضح أنه مجرد عمل دعائي لتخفيف امتعاض الشعب من حدة المشاكل التي أسفرت عن انعدام خبرة حكومة العسكر قحاطة في إدارة الدولة والتخبط الذي نراه رأي العين. ثانيا: لجنة التفكيك تحاول قلب عبء الإثبات، أي نزع الممتلكات ليقوم من تم نزع ممتلكاته بتبرير مصدرها، وهذه رؤية بليدة جداً مع احترامي للجنة لو كانت تعتقد ذلك، فالسودان ليس خلوا من المحامين الأذكياء جداً والذين مارسوا المهنة لعقود، وسوف تكون أول نصيحة يقدمونها لموكليهم، هو عدم التقدم بأي استئنافات لهذه اللجنة، لأنها من ناحية لا يمكن أن تكون الخصم والحكم في نفس الوقت، ولأن قراراتها نفسها ستبطل فيما بعد بدون حاجة لتبرير موضوعي. لأن التبرير لا يتم إلا أمام قضاء مستقل نزيه ومحايد..ولذلك ستخيب توقعات لجنة التفكيك. ثالثا: مسألة تحصين قرارات لجنة التحكيم من الرقابة القضائية هذه مسألة مضحكة جداً، فقد انتهى هذا الأمر في كل العالم، وأصبح حظر التحصين مبدأ (فوق دستوري)، ولقد تحدثنا عن هذا منذ عشر سنوات تقريباً، وكتبت فيه مقالات توضيحية عدة..متوفرة على الانترنت لمن يريد. رابعاً: لجنة التفكيك نفسها ستعاني من مشكلة الطعن في نزاهتها، إذ أن هناك كثيرون جداً من المشاركين في هذه الحكومة كانت لديهم علاقات مالية ضخمة بل مهولة، وبعضهم نال أموالاً طائلة من البشير ونظامه، شملت اموالاً منقولة وعقارية، وهؤلاء يتم تجنب مجرد الإشارة إلى أسمائهم. ولذلك نحن أمام عدالة عرجاء، بل بساق خشبية واهنة. خامساً: التداخلات الأسرية، نحن نعرف أن السودان دولة ضيقة جداً، فمثلا، محمد يوسف قريب البشير وقيادي تجمع الوهميين، أيضاً له مخصصات. الأخوان الدقير أقارب الدقير في المؤتمر السوداني أيضاً لديهم ارتباطات مالية، مختار الأصم عم الأصم أيضا له ارتباطات مالية، أغلب رجال الأعمال، نالوا اعفاءات جمركية وضريبية، وبعضهم استحوذ على عطاءات الدولة مثل ابراهيم الشيخ، ودواود والبرير والنفيدي،...الخ وهؤلاء لا يمكن المساس بهم. هذا ناهيك طبعاً عن علاقات التصاهر، فسنلاحظ مثلاً، أن السودان تم حكمه من مجموعات عرقية معينة، وهذه الأسر تتصاهر وتترابط للدفاع عن سيطرتها على السلطة ومن ثم الثروة، ولذلك فتفكيك النظام يعني تفكيك هذه العُصبة المستمرة منذ ما قبل خروج الإنجليز وحتى اليوم، البيوتات الطائفية كذلك كبيوتات المهدي والميرغني، كانت لها روابط مالية ضخمة مع النظام. خلاصة القول، أن كل ما يحدث هو عبارة عن الآتي: دعاية إعلامية من جهة لتخفيف غضب الشارع. عمل على الورق فقط من جهة ثانية. أما التفكيك الحقيقي للنظام، فهو الذي يمكن أن يتم في حالة واحدة فقط، وهي تفكيك البُنية الأساسية للمنظومة التي تحتكر السلطة والثروة، أي عبر مؤتمر جامع لإعادة هيكلة الأساس السياسي لحكم الدولة، ثم التوافق المجتمعي الشامل على النسق الواجب الاتباع في مستقبل السودان. ما يحدث اليوم، غاغة وجوطة، لا معنى ولا قيمة لها، وهي تذكرني بالحلول الاجتزائية ورزق اليوم باليوم الذي كان يقوم به نظام البشير سابقا، بل ولا أخفيكم قولاً، ما ظلت تقوم به الحكومات كلها منذ الاستقلال وحتى اليوم...والخيبة الكبرى أن يستمر هذا الأمر إلى الأبد..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة