وأنا اقول الله أعلم بعددهم.فقد كثرت في الآونة الأخيرة الشكوي من حوادث التعدي من بعض منسوبي القوات النظامية علي المدنيين العزل أثناء تأدية مهامهم الوظيفية خاصة في المراكز العلاجية أو وقوفهم في صفوف الخبز و البنزين ...والبعض يزيد في توصيف الحالة لدرجة التحرش كما ذكرت الأستاذة البوشي في تغريدتها ...ولا اعتقد انها تكذب حيث لا يوجد ما يدفعها لذلك ولكن في ذات الوقت تتعدد وجهات النظر حول مصطلح التحرش حسب العادات والتقاليد والثقافة القانونية...وليست هذه الجزئية هي المقصودة من كتابة هذا المقال...ولكن المقصود هو حدوث مثل تلك التعديات وبشكل متواتر وفي اماكن متعددة في العاصمة والولايات كما تتناولها وسائط التواصل الاجتماعي بين المغردين. وخطورة هذه الظاهرة ، أنها تؤشر الي وجود خلل في العلاقات مسكوت عنه بين العسكر والمدنيين او بما يسمي ب ( جدلية العلاقة بين المدنيين والعسكريين)وهو موضوع دراسة قامت به العديد من مراكز البحوث والدراسات الإجتماعية في الدول التي تعاني من هذه الظاهرة والتي يؤرخ لها في الدول العربية بعد نجاح الانقلابات العسكرية في المنطقة. وقد اشارت بعض هذه الدراسات المعمقة بوجود هذه الظاهرة بين الفئتين واصفة إياه بالضراوة ، وبأنه صراع محتدم وسافر وعميق في كثير من دول العالم العربي خاصة في الدول التي انفكت من حكم العسكر الي الحكم المدني والذي غالبا ما يتم ذلك التحول عن طريق الثورة الشعبية ولم تسلم تلك الدول من بروز تلك الظاهرة الا في الدولة التونسية كما تشير تلك الدراسات. وترجع هذه الدراسات السبب الرئيس وراء ظهور هذه الظاهرة رغبة العسكر في استمرارية البقاء في السلطة باي مظهر كان بدلا من البكاء علي الاطلال والفردوس المفقود. وتشير هذه الدراسات ، ايضا، بان طبيعة العسكر ترفض الآخر المدني مهما بدأ شكله أو توجهاته فهم لا يعرفون الشراكة وتنبذها ثقافتهم التي تقوم علي إصدار الأوامر وتلقيها وليست لديهم ثقافة الوسطية والقواسم المشتركة. وعلي ضؤ مثل هذه الدراسات وما تطرحه من مرئيات حول العلاقة بين المدنيين والعسكر ، يمكن تفهم ما يحدث من تعدي واعتداء من العسكر علي المدنيين ولم نسمع عن تعدي المدنيين علي العسكر الا في حالات نادرة ولأسباب شخصية وأضرار محدودة. وفي هذا السياق ، اتوقف عند واقعتين كانتا حديث المجتمع السوداني واستنكاره... الواقعة الاولي ما حدث من جندي الحراسة او المراقبة مع وزيرة الشباب...ليس بسبب أنها الوزيرة...ولكن بسبب ما تؤشر اليه من تداعيات اللاوعي او اللاشعور المعرفي لدي الجندي عندما ذكر بأنه لن يسمح لها بالمرور ولو جاء ( البرهان)...ولا ادري سببا لاقحام إسم رئيس مجلس السيادة في هذا الموضوع الا من خلال تحديه لأعلي سلطة تعنيه..سلطة عسكرية...هي التي تعنيه...ولم يذكر اسم (حمدوك) الرئيس المباشر لمعالي الوزيرة ! أما الواقعة الثانية...ما حدث بمطار الخرطوم الدولي والتهجم علي الكادر الصحي بطريقة هوجاء لا يمكن ان تصدر عن اي مسئول تم انتدابه لمقابلة وفد أجنبي رفيع المستوي بالمطار رغم قرارات الحظر المفروضة علي حركة النقل الجوي. فإذا كان تصرف( الجندي) مع الوزيرة يمكن تبريره باعتبار ثقافة الجندي المحدودة...فكيف يمكن تبرير تصرف ( الضابط) المسئول المفترض فيه توافر كل معينات الضبط والربط وتقدير المواقف لبقية المسئولين حتي ولو كانوا من المدنيين.؟ إنها حقا ظاهرة تحتاج الي المزيد من الدراسات حول هذه الجدلية ...فهي لازالت ( ظاهرة) ولا نريد لها ان تكون ( حالة) يصعب حلها ان لم نعطها حقها من البحث العلمي الرصين... د.فراج الشيخ الفزاري [email protected]
05-06-2020, 04:22 PM
عمر عيسى محمد أحمد عمر عيسى محمد أحمد
تاريخ التسجيل: 01-07-2015
مجموع المشاركات: 1825
( وتشير هذه الدراسات ، أيضا ، بان طبيعة العسكر ترفض الآخر المدني مهما بدأ شكله أو توجهاته فهم لا يعرفون الشراكة وتنبذها ثقافتهم التي تقوم علي إصدار الأوامر وتلقيها وليست لديهم ثقافة الوسطية والقواسم المشتركة ) .
الأخ الفاضل / د.فراج الشيخ الفزاري التحيات لكم وللقراء
وصفة طبيبة سليمة لذلك الداء بين العسكر والمدنيين ،، وخاصة في دولة السودان ،، والعسكر دائماُ يرون أنهم في مكانة يجب أن تؤخذ في الاعتبار .. وتلك المكانة أساسها خدمة الآخرين من المدنيين والجهات الأخرى .. ولكن هؤلاء العسكر يرون العكس حيث يرون أن من واجب هؤلاء المدنيين إبداء الطاعة لأصحاب الكاكي مهما تكون متطلبات الواقع من خطأ أو صواب !! .. والذين يعيشون تلك المقارنة بين الحاصل في دولة السودان والحاصل في تلك البلاد المتقدمة ثقافياُ وفكرياُ يجدون البون شاسعاُ في تعامل العسكري حيال ذلك الإنسان المدني بكل احترام وتقدير .. وحتى في حالة تواجد نوع من التجاوزات من قبل ذلك المدني فإن العسكري في تلك البلاد لا يخرج إطلاقاُ عن حدوده وعن قرارات النصوص القانونية بأي شكل من الأشكال .. أما في دولة السودان فإن ذلك الإنسان الذي يلبس ( الكاكي ) سواءً كان ضابطاً أو عسكرياُ فإنه يرى نفسه الكل في الكل .. حيث يرى نفسه ذلك القاضي وذلك الحاكم وذلك الآمر الناهي تحت السماء !!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
د.فراج الشيخ الفزاري
عمر عيسى محمد أحمد
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست