منذ إنطلاق صافرة البداية، إذ قام تجمع الوهميين بتشكيل الحكومة، (هو الذي فعل ذلك وليس باقي القحاطة من تمومة الجرتق). كان هناك إعداد قديم جداً، ربما قبل سقوط البشير بقرابة أقل من سنة، ليتم اختيار حمدوك، واختيار حمدوك ليس لأنه شخصية قوية وحادة الذكاء، بل على العكس، كان اختياره (ليشيل الشيلة كلها) ثم يدخل بها البحر ليغرق بها. ما حدث خطة محكمة جداً، إذ تم اختيار شخصيات تتسم كلها بالاضطراب، وضبابية الرؤية والهدف. مع إمكانيات محدودة جداً. لكن كان ذلك هو المطلوب بالفعل. الجهة الممولة لتجمع الوهميين حرصت كل الحرص على أن لا يكون للوهميين قيادة واضحة، ليس خوفاً عليهم كما كانوا يزعمون في البداية، بل منعاً لأي تفكير في الإنقلاب على الرأس المدبر. رأس الأفعى. وعندما كان البحث جارٍ عن شخصية (أيقونية فقط)؛ تم الإختيار بحسب الشكل، وليس بحسب المضمون. فتم اختيار الأصم، وهو شاب لطيف ووسيم، ولكن من الواضح أنه لا يملك أي قدرات أخرى. وتم اختيار الوزراء أيضاً بمعايير خاصة ليس من ضمنها الكفاءة، ولا من أهدافها الخروج من الأزمة التي حركت الشارع. وهي الانهيار الاقتصادي الذي كنا قد توقعناه قبل أربع سنوات تقريباً. الهدف من الذين صنعوا هذه الحكومة كان واحداً... ليس تحقيق الديموقراطية.. ليس التمهيد لانتخابات.. ليس تطوير العمل الحزبي.. ليس معالجة إنهيار العملة.. ليس كبح إنهيار الاقتصاد.. بل كان هناك هدف واحد فقط... هو إزالة الصف الأول من الحركة الإسلامية عن واجهة السلطة، وإزالة أذرعهم الصغيرة داخل ديوان إدارة الدولة. وأعتقد أن هذا أيضاً لم يك سيئاً بالنسبة لهؤلاء الذين تمت إقالتهم. فقد تمت الإقالات دون أي محاسبة قانونية. وكان من الواضح أن هناك تسوية (غير مكتوبة)، إذ أنني توقعت (ومن باب مهنتي كمحامٍ وقانوني) أن تمتلئ الدوائر الإدارية في المحاكم بقضايا الفصل التعسفي بالمخالفة لقانون الخدمة المدنية. لكن ذلك لم يحدث إلا بنسبة ضعيفة جداً..وكان واضحاً أن من تمت إقالتهم (وهم بالآلاف) قد ارتضوا بهذه الصفقة. (اتخارج بصمت، تتخارج بلا مساءلة). إزاحة الصف الأول من الكيزان وبعض رهطهم، كنت قد توقعته قبل سنتين تقريباً عندما كان الصراع بين الإسلاميين قد بلغ أشده واستوى على سوقه. وكتبت عن ذلك في ذلك الوقت. ولذلك سنلاحظ شيئاً فريداً في عمليات القتل التي واكبت الثورة، إذ أنها تجنبت (بحذر شديد) إصابة أي ثائر ينتمي للأحزاب السياسية الأخرى غير الإسلاميين. كان الغرض من تجنب قتل قيادي شيوعي أو بعثي أو أمة ...الخ هو تجنب خلق بطولة لهذه الأحزاب، ومن ثم إلتفاف الجماهير حولها. ولذلك تم التضحية بأبناء الحركة ابإسلامية أنفسهم. وهذا أسلوب يعرف الكافة أنه أسلوب الإسلاميين أنفسهم. إذ أن لديهم دائماً القدرة على استخدام أجسداهم وحريتهم كضحايا للتغطية على هدف أكبر. ولذلك دخل الترابي السجن بقدميه، وأدخل البشير القصر موهماً الناس، ثم عاد ومدَّ لسانه ساخراً من الجميع. وحتى لا أطيل فيما هو معلوم للجميع بالضرورة، وخلاصة القول: إن حكومة حمدوك منتهية قبل أن تبدأ. إذ ليس من أهداف من صنعوها أن تحقق شيئاً إلا شيئاً واحداً...وهو تجريف الصف الأول من النظام..ولذلك وبمجرد تحقيق هذه المهمة، سيتم إعلان نهاية حمدوك وحكومته وحمامه الغمران. وقد اقتربت الساعة. ولكن ليحدث ماذا بعد ذلك؟ هذا ما سنتركه للزمن..ويا خبر بفلوس..بكرة يبقى...
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة