لا أعرف عمل فني ظُلم من جمهور المثقفين في تاريخ السودان كملحمة الشاعر بشري إبراهيم و احمد أمين ( مدنية حرية و سلام ) !
هذه الملحمة ظُلمت مرة برميها بخنوع كلماتها و روحها الاستسلامية و بكائية معانيها، ولم تشفع لها فاتحتها المتحدية ( هتفنا لي دم الشهيد ) و لاالخاتمة القوية التي تزلزل أي وجدان سليم ( واكتبوا فوق لي تربتي حرية مدنية و سلام ) ، وظلمت مرة اخري بمقارنة رقة صوت مؤديها بصوت الفنان محمد الأمين في ملحمة اكتوبر و تجاهلوا أن أحمد أمين غني ملحمته علي ناصية حلم مسفوح عشية فض اعتصام القيادة بينما صدح محمد الامين علي أجنحة ثورة منتصرة صباح أكتوبر ، هذا علي أن لكل جيل لغة يفهمها و لحن يطرب له ، هل لاحظت شبه المؤدي ( احمد أمين ) بهيئة أغلب ثوار القيادة !!
ربما هناك سبب خفي لتجاهل المثقفين و تحاملهم علي هذا العمل و هو ان الشاعر لا ينتمي لفصيل سياسي ثوري و ليس له ميول ( تقدمية ) و لربما تمنيت قبيلة المثقفين أن القصيدة هبطت علي رجل من ( السياسيين ) عظيم !
قابلت بشري في دبي و حكي لي كيف كتب القصيدة و هو يشرق بالدمع ليلة فض الاعتصام بعيداً عن الوطن بعد ان وّدع المعتصمين عشية سفره ليتفاجأ بالمذبحة فجر وصوله الي جدة ، و حدثني عن كيف انه تواصل مع احمد امين بعدما سمع له مقطع عابر علي اليوتيوب وكيف أنه كتب علي مجموعة ( وصف لي ) سائلاً عن من يدله علي درب هذا المغني ، و عرفت من ملابسات كتابة القصيدة و تلحينها وأداءها بجهد فردي خالص أن حواء الشعب السوداني ولّادة و انها لم تعقم علي اهل ساس يسوس واجندتهم الدوغمائية .
من أنصف هذا العمل البطولي هم جماهير الشعب السوداني ، فأنا لا أعرف موكباً او تجمعا جماهيريا منذ فُض الإعتصام وإلا و كانت هذه الملحمة هي شعاره و طبوله و ايقونته التي لا يستغني عنها ، فالشعب يعرف خياره ولا خيار لمن لا يختار و طريق الثورة هدي الأحرار.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة