من أجمل ما وصلني من أخبار تخُص التلفزيون القومي بعد إستلام القامة الإعلامية الأستاذ لقمان أحمد لمسئولياته الإسبوع الماضي ، البدأ الفوري في دورات تدريبية للكادر البشري العامل في التلفزيون في مواضيع شتى كان أهمها بالنسبة لي بعض العناوين من ضمنها (مفهوم العدالة الإنتقالية) ، و(خصائص الدولة المدنية) ، و(مباديء حرية الرأي والتعبير) ، فمن حيث المبدأ أن يقوم التلفزيون في عهده الجديد بتدشين برنامجه الإصلاحي بدعم وتطوير وتأهيل الكادر البشري ، هو في حدِ ذاته خطوة صائبة وراجحة نحو (النجاح) ، فما من مُخطَّط أو برنامج للبناء والتنمية لا يستهدف الإهتمام بالإنسان ( كأداة ) من أداوت تنزيل الشعارات والقيَّم والمباديء واقعاً ملموساً ، إلا وأصبح مُجرَّد حبرٍ على ورق.
وللحقيقة فقد عانت شريحة من العاملين في القطاع الإعلامي بما فيها التلفزيون القومي (بعد إستثناء فئة المُمَّكنين سياسياً ) ، من مظالم كثيرة كان أهمها (عزل) مهنية العمل الإعلامي عن مجموعة الأعراف والقيَّم والمعايير المُتفَّق حولها دولياً من منظور (الشمولية المُطلقة) لمبدأ الإيمان بالمسار الديموقراطي ، فالإنقاذ البائدة عاملت التلفزيون القومي مثلهُ مثل الكثير من مؤسسات الدولة على أنه (ضيعة) أو (مشروع) يملكهُ الحزب الحاكم ، لا ينجح في الترقي فيه إلا كل موالي ومُرائي ومدعوم بإنتمائهِ السياسي أو حتى مُجرَّد إذعانهِ للنظام الحاكم ولأصحاب النفوذ في العهد البائد.
ومما لا شك فيه أن الإعلام النزيه والمُبرأ من مغبة التواطؤ مع السلطة والمُنحاز بصفة مُطلقة للمصلحة العامة ، لا يمكن إنشاءهُ وتنميتهُ دون إستيعاب كوادرهُ الإدارية والفنية لـ (مُوجبات) التحوُّل الديموقراطي ، والإلمام بمتطلباتها المهنية ، فضلاً عن كسر (القيود) وسبر (المحاذير) لصالح الخيال الإبداعي وتوجيههُ في دعم المسار الديموقراطي والإنحياز البائن بينونةً (كُبرى) لإرادة الجماهير وأمانيها وتطلُّعاتها ، بالإضافة طبعاً إلى (العدالة) في توزيع الفرص لكافة إتجاهات التبايُّن السياسي والثقافي والعرقي.
ما عمل على بنائه نظام الإنقاذ الشمولي البائد في (المكوِّنات) المهنية للكادر البشري في التلفزيون أو غيره من المؤسسات الإعلامية الأخرى ، يستوجب (الهدم) المُمنهج وبخُطىً عاجلة وقادرة على (مُسايرة) ومواكبة رحلة التغيير لما بعد ثورة ديسمبر المجيدة ، بعض تلك الكوادر لم تحظى بالعمل في ظل سيادة الإطروحات الإعلامية المُتعلِّقة بإتساع دائرة الشفافية وإطلاق حرية التعبير والنشر و(فضيلة) الإنحياز المُطلق لكل ما يُعبِّر عن مصالح الأغلبية ، وهُم أيضاً لم يستفيدوا على المستوى النظري من البرامج التدريبية التي تُعنى بتعريف (مهنية) العمل الإعلامي من منظور التعاليم الديموقراطية ، لذا أصبح من الواجب (تعميق) و(تزيين) خبراتهم التقنية والفنية بمفاهيم الإعلام الديموقراطي المُستقل عن السُلطة والقادر في نفس الوقت على تقويمها وتوجيهها في الإتجاهات التي تُحبِط مؤامرات الفاسدين وتدعم مُنجزات المخلصين وكل ذلك من أجل الوطن وإنسانهُ الذي يستحق.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة