الجبهة الثورية المشكلة من عقار ومناوي وعرمان والصادق، والتي هي جزء من القحاطة اجتمعت مع نفسها وتفاوضت. ويبدو أن هناك محاصصة قحاطية جديدة قادمة في الطريق، وغالباً سينال ثلاثتهم وليس معهم المهدي، حصصاً جديدة. ولاية النيل الأزرق مضمونة لعقار ومناوي قد يأخذ جنوب كردفان لأن شمالها في يد حميدتي، أما عرمان فوالياً للجزيرة. وهكذا تلد الأمة ربتها. يستمر تهميش المهمشين، ليس فقط بالعزل الإجتماعي المضروب علينا، بل فوق هذا بالعزل الحقوقي. يعتقد البعض أن التحاصص ينهي التهميش وهذا غير صحيح، التهميش يبدأ من هذا التحاصص، لأنه يتم عبر عزل الهامش من صنع القرار في المركز. يظل الهامش موبوءاً في نظر القحاطة، ويجب أن يكون هذا الجسد المريض تابعاً للجسد السليم. ولا أعرف متى كان الجسد في السودان سليماً. لقد واجهنا الكيزان لثلاثين عاماً رفضاً لجعلنا تابعين، في النهاية اكتشفنا أن الكيزان كانوا أقل عنصرية من هؤلاء القحاطة. نعم، فالترابي مثلاً هو السبب الرئيسي في منح المهمشين دوراً سياسياً هاماً للعبه في المركز رغم مقاومة المركز العنيفة التي انتهت بالمفاصلة لطرد الهامش من مراكز صنع القرار. لقد آوى الترابي المهمشين وفتح لهم نفاجاً واسعاً للدخول منه إلى الجدار الحديدي الذي ظل موصوداً أمامهم. المرحوم خليل إبراهيم كان أحد هؤلاء التلاميذ، وحتى نصر الدين وزير العدل اليوم كان مؤتمراً شعبياً وصديقاً شخصياً للترابي. والعديد من أبناء الهامش تم استيعابهم في الحركة الإسلامية، مما شكل خطراً كبيراً على أبناء الشمال النيلي. لذلك كان لابد من الثورة وتصحيح الأوضاع، الثورة أعادت إنتاج الماضي برمزية شمالية خصبة. وأصبحت المسألة مُعلنة، إذ يتم محاصرة حميدتي إعلامياً بشكل دقيق وبمراقبة عالية كي لا يتجرأ ويفكر في تجاوز البرهان. العزل السياسي ابتدأ ضد الجنوبيين في الماضي ثم امتد لغيرهم، ولذلك يتم رفض أي مقترحات لحلول جذرية تتمثل في طاولة حاشدة من كل مكونات المجتمع المدني، لأن هذا يعني منح الهامش الإحساس بالتكافوء ورفع سقف مطالبه بالمساواة. يقول المصريون: اللي تغلبو العبو، وفي كرة القدم يكون الهجوم الأول مربكاً للخصم، فيفقده الثقة في نفسه، والشماليون لا يرغبون في منح الهامش أي ثقة في نفسه، بل يحاولون إشعار الهامش بالدونية باستمرار لتعزيز عقدة النقص فيهم. وللأسف فالهامش لم يلتفت لهذه اللعبة الخسيسة، وظل يقبل بالتفاوض على جزء من نصيبه في الحكم ليظل تابعاً إلى الأبد. إن الهامش -وفق سياسة المركز الإحباطية- يقبل بوالي أو نائب رئيس أو وزير، إنه يقبل العطية، ولا يصنعها، ويقبل التبعية باستمرار، ولذلك لا تتم معالجة مشاكله بشكل جذري. فالمركز يستخدم الانتهازيين من الهامش ويضعهم تحت دائرة الضوء ولكن تحت سيطرته التامة. فتضيع حقوق المغلوب على أمرهم. ما الذي طرحه القحاطة؟ إنهم طرحوا محاصصات دونية جزئية، لكنهم يرفضون الحلول الشاملة..ولذلك لم يفكروا حتى في طرح هذه الحلول الجذرية الشاملة، حتى لا تتفتق إلى ذهن المهمشين إمكانية وجود هذه الحلول. رغم أنها حلول سهلة وبسيطة وعادلة وتساهم في دعم الوطن ككل اقتصاديا وسياسياً. وهي توفر على الدولة عقوداً قادمات لا محالة من استمرار السقوط والإنحدار. نعم هم يعرفون الحلول جيداً، ولكنهم لا يقبلون حتى بمجرد الإشارة إليها ولو على غفلة...إنهم حريصون جداً على تصحيح أخطاء الماضي. احصل على Outlook for Android
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة