ما حملته الأخبار عن محاولة اغتيال رئيس الوزراء الدكتور حمدوك ، ونجاته بفضل الله ورحمته يحمل في طياته دلالات كثيرة طالما نبهنا إلى ما سيحدث طالما يتعامل المسؤولون بمثالية مع اوضاع خارجة عن المألوف ومع عدو لا يعرف المثالية ولا يعترف بالاخلاق ولا بالتربية السودانية المتسامحة . ودعنا نردد ما قاله الأستاذ الحاج وراق عندما سئل مرة في عهد الكيزان عن عدم وجود ظاهرة التفجيرات والاغتيالات في السودان ، فقال لان من يقومون بذلك في السلطة يحكمون وسترون كل ذلك عندما يتركونها . مقولة الحاج وراق هي التي تفسر لنا كل شيء ، فمن هو المستفيد من اغتيال رئيس وزراء حكومة الثورة ؟ قد يكون هذا أوذاك ، ولكن المستفيد الأول هم جماعة الكيزان الاهابية ، فتاريخهم كله ليس فيه صفحة واحدة بيضاء من غير قتل ولا سفك دماء . فمن هم الذين قتلوا الناس في بيوت الاشباح ؟ ومن هم الذين أعدموا الضباط في حركة رمضان وفي اطهر الأيام ؟ ومن اعدم مجدي واخوانه ببضع دولارات هي ملكهم ؟ ومن هم الذين اغتالوا المتظاهرين واصطادوهم من فوق البنايات العالية بقناصين محترفين ؟ ومن هم الذين قاموا بفض الاعتصام بأبشع صورة في الشهر الفضيل وألقى بالجثث مهشمة الرؤوس في النيل ؟ ومن قتل واغتصب المعلم أحمد الخير ؟ من قتل الاطفال في الأبيض ؟ لسنا في حاجة لدليل فالمجرم واضح ومعروف وله من الدوافع الكثير ومن السوابق أكثر . ليس في كل ذلك جديد ، بل كم حذرنا ونادينا بالصوت العالي أن تعامل جماعة الإخوان المسلمين ومن شايعهم معاملة الحركات الارهابية واعتبار كل من ينتمي لها خارج عن القانون كما يجب محاكمة رموزها بتهم الارهاب تماما كما تعامل العصابات الاجرامية ، فهم ليسوا أقل ولا أكثر من حركة اجرامية تمارس الاجرام المنظم تحت غطاء الدين . قلنا هذا ونبهنا له ودللنا عليه ، ولكن الطريقة الناعمة التي تتعامل بها الحكومة مع هؤلاء والمسالمة ومبدأ من ضربك على خدك الأيمن أدر له خدك الأيسر لا يجدي مع هؤلاء . ليس من الحكمة أن تتعامل الحكومة مع أعدائها بالديمقراطية والمبادئ والقيم والأخلاق فهي حكومة ثورة وبالثورة يكون الحسم ، والحسم وحده . لقد بلغ من رقة وحنية هذه الحكومة مبلغا لم يتوقعه حتى الكيزان أنفسهم ، فلم يكونوا يتوقعون في أحسن توقعاتهم أن تتم معاملتهم بهذه الدرجة من الميوعة في المواقف والبطء في الحسم . لقد كان ما جرى لرئيس الوزراء متوقعا طالما بؤر الفساد والقتل لازالت تعمل دون حسيب ولا رقيب وسنرى العجب إذا لم يوقظ هذا الحادث المسؤولين من ثباتهم . اليوم قدر الله ولطف ، والحمد لله ، لكن ليس في كل مرة تسلم الجرة . نأمل أن تشهد الأيام القادمة إعمال مبدأ الحسم الثوري و أن نرى المجرمين يحاكمون وينالون ما يستحقون من العقاب . فقد سئمنا من التلكؤ والمحاكمات التافهة في جرائم تافهة فهل هناك ميوعة أكثر من أن يحاكم المخلوع بسنتين في الإصلاحية بتهمة هو نفسه أعدم فيها أنفسا شابة برئة وهوالذي ارتكب مجازر مات فيها الالوف ؟ وهل هناك ميوعة أكثر من التذبذب في المواقف حول تسليمه للجنائية الدولية ؟ وهل هناك ميوعة أكثر من بقاء نافع دون محاكمة وهو المشرف على تعذيب الناس وقتلهم في بيوت الأشباح ؟ أم على عثمان القائد الفعلي لكتائب الظل يجلس منعما في كوبر لا محاكمة ولا مساءلة ؟ بل بلغ بهم الحال لعقد اجتماع في داخل السجن يديرون منه مؤامراتهم ؟ وربما هذا التفجير هو أحد ثمار هذا الاجتماع . أي ثورة هذه التي تسمح بهذا المشهد العبثي ؟ وما النتيجة ؟ الآن وصلت الرسالة واضحة ولأعلى هرم في السلطة التنفيذية ، فماذا أنتم فاعلون ؟
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة