زمان زمان خالص خالص..بس ما شديد... كانت هناك لعبة بين فريق الهلال(لن أقول المريخ) السوداني وبين فريق الأهلي المصري. وكانت الكورة ملعوبة بالسودان، وقد هاجت الجماهير السودانية وماجت، وصاحت ساخرة من حسام حسن: ( العجوز أهو..العجوز أهو..).. وفجأة رد عليهم حسام حسن بهدفين نظيفين، وساهم في ثلاثة أهداف اخرى. وصاح المصريون: ( قاعدين ليه ما تقومو تروحو...).. وفي المقابل -خاصة أن أي مباراة بين السودان ومصر تكون دسمة بالعداء- كان الشعب المصري كله يترقب مباراة الهلال مع الزمالك، وكانت تلك فرصة الزمالك الوحيدة، والمباراة مقامة في مصر، والأعصاب متوترة ومشدودة..وكنت في ذلك الوقت في القاهرة جالساً في القهوة، ليس لمشاهدة الكرة، فعموماً لست من المنشغلين بتلك السفاسف..وكان المصريون من حولي مشحونين (هم أساساً مشحونون طبيعي بدون أي مؤثر، فحياتهم قاسية جداً وليس كالشعب السوداني المرفه..في النهاية لا أحد يمكن أن يموت من الجوع في السودان..وكم من عطالة وبطالة يتزوجون وينجبون تحت راعي رسمي واحد..عم او خال او اب..الخ). المهم كان الجو مشحوناً، وأنا وسط السباع. ولحظ المصريين العاثر، كان الهلال يلعب بقوة وبتركيز عالي جداً، وبدأ قودوين - على ما اتذكر- بافتتاح الأهداف، وتوالت الأهداف. وعم الصمت بعد كل هدف، ثم اغلق صاحب القهوة التلفزيون، بعد أن جمع حق الشاي والقهوة والشيشة والسحلب. فيمكن بعد قليل تحطيم القهوة فوق رأسه...وتسللت أنا لواذاً.. كل هذه المقدمة الشيقة -بحسب مزاجي النرجسي هذا الصباح- كانت بغرض الانعطاف إلى قصة أخرى؛ فقبل يومين وأنا أقف في طابور العيش، اقتربت سيارة الشرطة العسكرية ونزل عسكريان وأخذا شوال رغيف كامل وخرجا..وأصبح هذا التعدي من الجيش سافرا ومتضطرداً ومستمراً.. أولاً: من المفترض أن الجيش هو العسكرية، والعسكرية (ضبط وربط)..أليس من العيب أن يكون الشعب منضبطاً ثم يأتي الجيش الذي من المفترض أن يقوم هو بتنظيم الفوضى ، فيقوم هو نفسه بممارسة الفوضى. ثانياً: أليس للجيش مخابزه الخاصة، فلماذا يتم الاعتداء على حقوق المواطنين؟ ثالثاً: أليس من العيب أن يمارس الجيش بملابس الجيش الرسمية ما يمارسه البلطجية.. نعم، فالفرق بين جريمة البلطجة والنشاط المحترم والمشروع هو القانون... فرجل العصابات الذي يستخدم قوته ليأخذ مالك يمارس نفس النشاط الذي يمارسه متحصل الضرائب الذي يأخذ مالك وإن لم تدفع زج بك في السجن. لكن الفرق بين رجل العصابة هو أنه لا يستند لقانون أم موظف الضرائب فيستند لقانون. هذا هو الفرق بين الجريمة والنشاط المشروع. ثالثاً: لماذا يتواجد العساكر داخل المدن؟ مكان العساكر هو خارج المدن، مكانهم هو الخلاء حيث الدواس والقتال..وليس المدن. فتواجد قوة الدولة داخل المدن والمناطق المعمورة بالمدنيين هو اختصاص الشرطة. فحتى لو كانت هناك فوضى في المدن، فالجيش لا يملك صلاحية ضبطها، إلا في حالات استثنائية (جداً)، والشرطة هي صاحبة الإختصاص الأصيل. رابعا: إذا كان الجيش يريد خبزاً، فالخبز ليس هنا عند المواطنين، ولكن الجيش يعلم مكان الخبز جيداً، فبدلاً عن تهديد المواطنين غير المشروع بالسلاح، أدعوا الجيش للذهاب إلى حلايب وشلاتين والاستيلاء على كل المخابز التي انشأها الجيش المصري هناك... وكما يقول الأطفال(أجيب ليك القدرك). أخيراً: هو إنتو آعدين ليه أساساً..ما تؤمو تروحو..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة