: لم أكتب عن سيارات القضاة الأخيرة التي طفحت روايتها في تسجيل للسيدة رئيسة القضاة مع القضاة كفاحاً. فالسيارة الحكومية ومتعلقاتها للقضاة وغيرهم كانت شاغلي لسنوات. فعقيدتي أن السيارة الحكومية أفسدت الخدمة العامة فساداً كبيراً. فصارت طعماً لطوائف رجال الخدمة المدنية والسياسية يرمي به الحاكم المستبد لهم يشتري صمتهم عن الحق وتنكرهم لخلق المهنة. وقعت على حالة هذه السيارة الجاه النكداء في القضائية خلال بحثي عن مذبحة بيت الضيافة بعد انقلاب يوليو 1971. فاستمعت إلى مقابلة عقدها الأستاذ الطاهر حسن التوم في برنامجه "مراجعات" مع مولانا حسن محمد علوب. وهو القاضي الذي انتخبه نميري في 1971 ليحقق في ملابسات انقلاب 19 يوليو ومذبحة بيت الضيافة. وانتهى التحقيق بتقرير عن الانقلاب دون المذبحة لأن نميري رفض للقاضي الاطلاع على سجلات محاكم الشجرة العسكرية التي حاكمت الانقلابيين بتهمة ارتكاب المذبحة ضمن تهم أخريات. ولم يقبل مولانا علوب مواصلة التحقيق في المذبحة لأنه قال إن عمله سيكون ناقصاً بدون وقائع محاكم الشجرة. ويبدو أن موقف القاضي لم يسعد نميري الذي أعاده إلى القضائية بعد أن كان عينه في وقت باكر من الانقلاب مستشاراً قانونياً لمجلس "الثورة". ولحكاية السيارات هذه قصة. كان القضاة تقدموا بمذكرة لنميري حول تظلمات مهنية منها حرمانهم من السيارة الحكومية كرجال خدمة عامة في مصاف الوزراء. واجتمع نميري بالقضاة. وطلب القضاة من مولانا علوب أن يعرض مسألتهم على الرئيس. واعتذر مولانا لأنه لا يريد أن يزعج نميري فوق ما فعل حول التحقيق في مذبحة بيت الضيافة. وبإلحاح من القضاة عرض مولانا على نميري مسألة القضاة بما فيها السيارات. ولم يتردد نميري لحظة في منحهم السيارات. فاتصل، وهو ما يزال في الاجتماع، بمدير النقل الميكانيكي وسأله إن كانت بحوزته سيارات للقضاة. فرد المدير بالإيجاب وزاد بأنها سيارات وزراء لكن. فقال له نميري ألا ينسى أن القضاة بمثابة وزراء. وسأل مولانا خلف الله الرشيد، رئيس القضاء، عن عدد القضاة فأجابه. فواصل نميري الحديث مع مدير النقل ليأمره بتجهيز هذه العربات بالعدد كل بسائقها. ووقعت الطامة على مولانا علوب. فأحيل للتقاعد ليلاً. وهنا المحنة. قال إنه ذهب في صباح اليوم التالي ليبدأ إجراءات المعاش ليجد السيارات في القضائية كل منها بسائقها. والقضاة من المحكمة العليا والاستئناف في شغل بها: "دي عربيتي دي عربيتك". ومر بهم لم يحفل أحد به ولم يسأله سائل عما حل به. فأنظر ما حل بالزمالة المهنية. ألهاهم عنها نوال الحاكم. فلم يكترثوا لمصير من جعلوه في وجهم عند سلطان جائر. ستجد كل ذلك في الدقيقة 51:24 من الفيديو أدناه ولكنني أنصحك بسماع كل الفيديو لتقف على كيف انظلم حزبنا الشيوعي وضاع دمه قادته هدراً بتهمة مذبحة بيت الضيافة. فنميري نفسه امتنع تزويد لجنة تحقيق كونها بوقائع محاكم الشجرة لتفصل بشأنها. ما تراه أخفى يا هل ترى؟ ونلتفت في كلمة أخرى لعربة مراقبة عربات الحكومة ووقود السيارات.
02-27-2020, 07:17 AM
محمد عبد الله الحسين
محمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 10913
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة