ساهمت مواقع التواصل الاجتماعي في لمّ شمل الكثيرين ممّن تفرقت بهم السبل وانقطعت أخبارهم، وساعدت على تقريب المسافات بين المدن والبلدان والقارات حتى أصبح العالم قرية صغيرة، فبكبسة زر واحدة تعرف ثقافات الشعوب، عاداتهم، وتقاليدهم، كما أضحت من أهم الوسائل التعليمية للاستفادة من المواد العلمية التي تنشر فيها وغيرها من الفوائد الأخرى، ولعل أبرز فوائد هذه المواقع هي صفحات وحسابات نشر وتلقي الأخبار، فأصبحت الأخبار في متناول يد الجميع وأصبح الجميع إعلاميّين.
ومع هذا الزخم الكبير والكم الهائل للمعلومات الموجودة فيه، تصبح مواقع التواصل الاجتماعي مرتعًا خصبًا لانتشار الشائعات وتداولها، قد يبدأ الأمر بمزحة أو معلومة منقوصة فتلقى رواجًا كبيرًا، فأضحت المعلومة الصحيحة تحل محل المعلومة الخاطئة، والخبر الصحيح يختلط مع الخبر المكذوب، فكم من معلومة تنسب للطب والصحة العامة ثبت عدم صحتها، وكم من خبر تناقلته هذه المواقع وتم نفيه، وهكذا حتى تكاد تصبح الحقيقة في ضياع تام وغياب وسط هذه المعمعة.
هذه الشائعات التي تنتشر في الأسافير كاشتعال النّار في الهشيم قد تؤثر سلبًا على مصداقية ناقليها خاصّة صفحات وحسابات نشر الأخبار والتي يتابعها الكثير من متصفحي مواقع التواصل الاجتماعي، رغم أنّ العرف في الصحافة التقليدية يحتم افتراض الثقة في المصدر الذي تنقل منه الأخبار إلا أن تداول الأخبار وانتشارها في الأسافير المختلفة يجعل من السهل قبول مصداقية هذه الأخبار ونشرها للمتابعين على أنها صحيحة دون تفقّد حقيقة مصدرها والتفاصيل الواردة عنها. وعند تلقي المتابعين لهذه الأخبار يبدأ تداولها فيما بينهم وتضج حساباتهم وصفحاتهم بها، ويصبح حديث الشارع والرأي العام عنها، فتجد عامة النّاس في الأسواق، المواصلات العامّة، وحتى عند أماكن شرب الشاي وتناول الأطعمة تجدهم يتحدثون ويدلون برأيهم في حديث منقوص أو مكذوب، وسرعان ما ينتهي بجدال تغيب عنه المنفعة وتغلب عليه حالات الثوران والغضب.
إن تداول الشائعات بين الناس قد يخلق حالة من الذعر لدى بعض الفئات، على سبيل المثال نقلت صفحات الأخبار ووسائل الإعلام خبرًا عن وزارة التعليم العالي يفيد بتقليل عدد الطلاب المقبولين في بعض البرامج الطبية وتجميد بعض الكليات التطبيقية، خلق هذا الخبر حالة من التوتر والقلق والسخط الجماعي خاصة لدى طلاب الشهادة السودانية الذين جلسوا للامتحانات بعد مرورهم بفترة عصيبة وظروف معقدة، لينتهي هذا الأمر بنفي وزارة التعليم العالي للخبر وأنه ما زال النقاش جاريًا حول هذا الموضوع.
ومع كثرة صفحات وحسابات نقل الأخبار، والمهتمين بالشأن العام، يكمن الحل لدحر هذه الشائعات في محاولة التحري الدقيق للأخبار واستقائها من مصادرها الصحيحة، كما يجب على المؤسسات الحكومية تنشيط أدواتها وصفحاتها الإعلامية وتحديثها بكل ما هو جديد لسد أي ثغرة لتناقل الشائعات وانتشارها.
كما يجب على المتابعين والمهتمين بالشأن العام التريث في نقل الأخبار وتداولها، والتأكد من صحّتها قبل إبداء أية آراء تجاهها، فالانجراف وراء الأكاذيب قد يؤدي إلى ما لا يحمد عقباه، وعندها ستسود الفوضى.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة