In في يونيو 2018 أقلتني قدماي نحو إحدي الحدائق التي شهدت جانباً من إحتفالات اليوم العالمي للاجئ تلبية لدعوة إحدي الهيئات المشاركة في تنظيم الحفل _في إحدى دول الاستضافة المؤقتة_ ، و مذ أن تلقيت تلك الدعوة قبل عدة أيام توقعت أن أعثر علي ما يشفي غليلي من بشريات أو رؤي وأفكار وأصوات تتناول مواجع وآهات وتطلعات اللاجئين ، أو في أضعف الإيمان يافتات وبنرات تحكي جانباً من ما تمر به مجتمعات اللجوء وأسباب مغادرتهم لبلدانهم ومحاولة إيجاد حلول لمشاكلهم في ظل هذا التعتيم الإعلامي المضروب بإحكام على كل ما يتعلق بمآسي اللاجئين في دول المنشأ والدول المستضيفة ، فحضرت باكراً حتي لا يفوتني شيئاً من المتوقعات آنفة الذكر ، إلا أنه سرعان ما تضائلت آمالي شيئا فشيئاً لتقفز في نهاية المطاف إلي حاوية التلاشي بعد أن اصطدمت بحقيقة أن هذا اليوم مجرد ملتقى ثقافي لاستعراض الرقصات وأنواع الأكلات الشعبية للترفيه والتسلية فقط لا غير . * إن الصورة التي عرضت علي الفضائيات العربية والعالمية بخصوص هذا اليوم لم تعبر عن واقع ما يعيشه اللاجئين و النازحين بمخيمات الذل والاسترقاق في بلدانهم والدول المضيفة البته ، ولا يمكن فهم صورة اللاجئ في مثل هذا اليوم الا مرفقة مع صوته الذي بحته صرخات الاستغاثة من بعض مجتمعات الدول المضيفة التي لم تتقبل إطلاقاً فكرة أن يتقاسم اللاجئون معهم أوطانهم كآدميين ، فطفقوا يشبعونهم إذلالا وتنكيلا وهدرا لكرامتهم في الطرقان والمركبات العامة وفي الأسواق وأماكن العمل وحتي في دور العبادة ، وهي ما تحاول الجهات المعنية تغطيتها بشتي السبل وعكس الصورة الناعمة فقط لإستدرار عواطف الدول المانحة لضمان استمرار عملية استدرار الأموال التي لم تصل منها إلي اللاجئين إلا بشق الأنفس . * لأن يخصص العالم يوماً يستذكر فيه ملايين من بقايا جرائم الحروب والإبادة الجماعية الذين كتبت لهم النجاة من همجية أنظمتهم القمعية المؤدلجة أمر يلامس معني متقدماً من معاني يقظة الضمير الإنساني ، أما أن يسعي منظموا تلك الحفلات الصاخبة لاستغلال تلك المناسبات للتكسب و ذر الرماد علي العيون بعكسهم صورة مغايرة لذاك الواقع الأليم الذي عليه اللاجئ ؛ فهو لأمر يعكس حجم الضعة والانحطاط الأخلاقي الذي تتمتع به تلك الفئات . * لم يكن اللاجئ بحاجة إلى أن يستعرض مأكولاته وأزياءه وعادات وتقاليد بلده بقدرما يحتاج إلي : - اجتثاث جذور الأزمة في بلدان المنشأ حتي يعود إلى مهد كرامته عزيزا منعما ، بعد أن يئد العالم وبشكل نهائي أسباب مغادرته لبلده الأم . -يحتاج اللاجئ في هذا اليوم إلي البوح بحاجته إلي توفير الخدمات الضرورية كالحماية ، والعلاج و التعليم والمساعدات المالية ، ولا سيما في ظل تدهور اقتصاديات معظم دول الإستضافة المؤقتة ( الأردن ، غانا ، مالي، مصر، تركيا ، السودان ، نيجر ، ليبيا ، لبنان) وغيرها بعد جائحة كورونا . -يحتاج اللاجئ الي التسهيل في عملية تكملة إجراءاته القانونية اللازمة كتجديد الإقامة ، إذ أن الإذلال الذي يواجه أثناء إصطفافه في طوابير إجراءات الإقامة في بعض دول الإستضافة المؤقتة يكاد يفوق ما واجهه من مآسي وتقتيل بدولته . - اللاجئون _يا عالم_ في حاجة إلي الإسراع في توفيق أوضاع من حصل منهم على الاعتراف من قبل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وإعادة توطين من تنطبق عليه معايير التوطين العاجل والآجل . - في هذا اليوم يناشد اللاجئ العالم بضرورة عزل ومحاسبة كل من يثبت تورطه في التلاعب بالأموال الموجهة لخدمات اللاجئين أيا كان موقعه . - يصرخ اللاجئ اليوم بضرورة المساواة في توزيع الفرص الخدمية بين اللاجئين ، وهو ما فشلت فيه حتي الجهة المنظمة للحفل ، حيث ذكر لي مصدر موثوق أنه لمح بعضاً من الموظفين يوزعون المياه المعدنية لبعض أطفال اللاجئين من دول بعينها في الوقت الذي يمنع منها غيرهم في صورة تجسد حجم العقلية العنصرية التي أوكل العالم إليها جانباً من شؤون أولئك المستضعفين .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة