حفل المؤتمر الدستوري الذي انعقد في فيلادلفيا في ١٧٨٦ بجدل دار حول ما للمركز وما للولاية من سلطات مع خوف معلن أن تكون القوة الديمغرافية لولاية ما، أو لولايات ما، سبباً للاستقواء على غيرها. والمشكلة القائمة الآن حول صلاحية الكليات الانتخابية لانتخاب رئيس الولايات المتحدة أصلها في ذلك المؤتمر. فقد خشيت الولايات قليلة السكان من كثيرة السكان أن يكون لها القول الفصل في انتخاب الرئيس متى كان التصويت مفتوحاً: لكل ناخب صوت.
ويعيد الآن كثير من الأمريكيين النظر بقوة في صلاحية الكليات الانتخابية للغرض بعد فوز الرئيس ترمب بالكليات وسقوطه المدوي بالصوت العام. ولتطمئن الولايات قليلة السكان اخترعوا نظام الكليات الانتخابية التي تأخذ بالديمغرافيا والتصويت العام بغير شطط. وهو ترتيب خدم الديمقراطية الأمريكية لنحو قرنين. ومتى أرادت جماعة من الناس تغييره فالنظام مهيأ للغرض.
وراعى المؤتمر مخاوف ولايات القلة من ولايات الكثرة في مسألة انتخاب مجلس النواب ومجلس الشيوخ اللذين يشكلان الكونغرس. وبناء عليه تواثقوا على أن يأتي مجلس النواب بالتصويت العام. ومنعاً من أن يستبد هذا المجلس ويفتتن بسلطانه جعلوا مقاعد مجلس الشيوخ، الشريك في التشريع مع مجلس النواب، قسمة بين الولايات يتساوى حظ صغيرها مع كبيرها.
ويرجع إلى موتمر فلادلفيا اختلاف النظام الأمريكي عن النظام الأوربي القارى. فنظام أمريكا رئاسي ونظام أوربا وزاري بمعني أن البرلمان في البلد الأوربي المعين ينتخب الوزارة. ورأي المؤتمر الأمريكي أن في ذلك خلط بين مؤسسة تشريعية وأداة تنفيذية وهي الوزارة. ومنعاً لهذا التداخل جادل الفدراليون أن الدولة الحرة تحتاج إلى ذراع تنفيذي وقضائي وتشريعي كل مستقل التكوين عن غيره. وهزموا الوجهة التي سعت لتجعل انتخاب لحكومة بواسطة الكونغرس. وهكذا استبعدت أمريكا قيام مجلس وزراء برلماني كنهج بريطانيا مثلاً. فالحكومة فيها يختارها رئيس الجمهورية الذي ينتمي هو نفسه إلى الكيان التنفيذي في الدولة.
وأخيراً لم يشمل الدستور قضايا شتى، أو شملها بصورة غير كافية، وعليه سهر المشرعون يلاحقونها بما عرف بالتعديلات الدستورية مثل التعديل الأول:
ه يمنع صياغة أي قوانين تحظر إنشاء ديانات، أو يعيق حرية ممارسة الدين أو يحد من حرية التعبير، أو التعدي على حرية الصحافة، أو التدخل في حق التجمع السلمي، أو منع تقديم التماس للحكومة للحصول على الانتصاف من المظالم (١٧٩١). والتعديل الثاني الذي هو عماد حجة دستورية حمل السلاح في أمريكا: إن وجود مليشيا حسنة التنظيم ضروري لأمن أية ولاية حرة، لا يجوز التعرض لحق الناس في اقتناء الأسلحة وحملها (١٧٩١). هذه مساهمة غير متواضعة تريد لنا أن نفكر في قيام دولتنا على التراضي وكأن العالم قد سبقنا إلى خبرات صح أن نستمتع بتداولها. وأن نكف عن عادة أن السودان (الحفرة دا) لا لو شبيهو ولا لو مثالو التي حرمتنا من نفع النظر المقارن.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة