في إعتقادي أن أهم سلاحين إعتمد عليهما منسوبي الحركة الإسلامية في إكمال مأساة هدم البلاد والعباد حسياً ومعنوياً في الثلاثين عاماً التي مضت من عمر الهوان ، هما سلاحي (الجرأة في إستلاب الحقوق) و(عدم الحياء) في بذل الكثير من الأفعال والأقوال التي نستحي عن فعلها وقولها نحن عامة السودانيين فيما ورثناه من أعراف وتقاليد وقيَّم ، لقد كانوا دائما متميِّزين ومتقدمين على رصفائهم وخصومهم على المستوى التنظيمي والسياسي والمنفعي ، بحيازتهم لتلك الأسلحة و(الميزات) الإستثنائية التي كنا نعتبرها نحن عامة السودانيين المنتمين لعالم المثاليات مُجرَّد (سقطات) أخلاقية ، لذا لم يكن من الصعب علينا أن نستوعب منذ الوهلة الأولى ما كان يرمي إليه الأديب الراحل المقيم الطيب صالح حين إندهش متسائلاً (من أين أتى هؤلاء)؟ .
ثم حاربوا مقاومة المجتمع لهذه الخصال الدنيئة بالقتل والتعذيب والتخويف والتهديد وأحياناً بإغراء ضعاف النفوس الذين شاركوهم المنافع وأعانوهم على تخطي القوانين والأخلاقيات والقيَّم حتى وصلوا معاً إلى مراميهم التي في النهاية حولت السودان إلى دولة متسولة ومحاصرة وموسومة بالإرهاب الدولي ، ثم هاجر وتشرَّد من مرافقها وهيئاتها وأقاليمها المختلفة عبر مجاذر التمكين الإسلاموي الكثير من شرفائها البرَّرة يلتمسون حياة كريمة في بلدان أخرى ، وفي ظل كل ذلك كانوا وما زالوا ينهشون في جسد الإقتصاد السوداني ويُبدعون في إخراج وتدبير السُبل التي يمكن من خلالها تدمير إنسان السودان وتحويله بالعنف والإرهاب والتجويع والإفقار والتجهيل إلى مُجرد (ضيف) ثقيل الظل في وطنه ، يتفرَّج من بعيد ولا يحلم بأداء دوره في بناء الوطن والتعبير عن رأيه فيما يدور فيه من مصائب خارج إطار منظومة الحزب الواحد والمتحالفين معه من سدنة الشيطان والفساد العظيم.
أقول هذا لأُلفت نظر المهتمين بنشاطات الثورة المضادة التي يقودها فلول النظام البائد ، أن خصلتي عدم الحياء والجرأة في التعدي على الحقوق اللتين طالما تفوَّق بهما المد الإسلاموي في الثلاثين عاماً الماضية ، قد يصل حد إستخدامها الآن على المستوى الأخلاقي إلى مراحل لا يمكن أن يتصورها عاقل أو سوداني أصيل ، مثل أن يكون إشعال الفتن القبلية كالتي حدثت في كسلا قبل أيام أو في جنوب دارفور قبل إسبوع ، واحداً من أدواتهم لمحاربة الحكومة الإنتقالية وزعزعة حُكمها عبر إشعال الفتن الطائفية ، لا تستبعدوا ذلك أبداً فهم قادرون على (التفوُّق) دائماً ، طالما كان مضمار التسابُق فيما يستحي عن فعلهُ وقولهُ عامة السودانيون.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة