|
لا تُغادروا الخرطوم,,بقلم إسماعيل عبد الله
|
10:06 PM May, 14 2020 سودانيز اون لاين اسماعيل عبد الله-الامارات مكتبتى رابط مختصر
ألتصريح الذي أدلى به حادي ركب القوة الداعمة والرادعة السريعة يوم أمس, عقب أحداث الاقتتال المجاني المحزن والمفجع بمدينة كادقلي, أشار إلى أن الذين خططوا للجريمة أرادوا تحقيق هدفين, الأول إخراج القوة الداعمة من عاصمة البلاد, والثاني خلق ذريعة تودي بالعلاقة الحميمة بين هذه القوة الحاسمة السريعة وشقيقتها إلى حتفها, لم يتطرق الرجل الثاني في هرم السلطة الانتقالية للإسم ولا للجهة التي وجه إليها سهام الاتهام, لكن اللبيب بالاشارة يفهم والحليم بعقله يستنبط ويستنتج ويخلص إلى زبدة كلام هذا الشاب البدوي النبيه, بعد أن يعيد هذا العاقل الحليم شريط حادثة فض اعتصام بوابة القيادة العامة, الذي هدف فاعلوه إلى تحقيق ذات الأمنية الغالية, التي كان يتمناها رواد ومفبركو حملة طرد الداعمين السريعين من عاصمة بلادهم, المدينة المركزية الاستراتيجية والمحورية التي توافدوا إليها, وفدوها بالمهج والدماء الغالية التي دمعت لها عين أبيهم وملهمهم الروحي.
إنّ ضياع المُلك من بين أيدي الحكام و أتباعهم من المستفيدين وحملة (الأباريق) ليس بالأمر الهيّن, لقد رأينا كيف عانى الصادق المهدي رهق و(مساسقة) دروب المعارضة السياسية الخشنة مرة مع (الجبهة الوطنية), والمعارضة الناعمة مرات عديدة منذ المصالحة اللاوطنية الرخيصة مع الدكتاتور الأسبق (نميري), مروراً بالهبوط المتراخي والداهن مع الدكتاتور السابق (البشير), ليعيد أمجاد كرسي رئاسة الوزارة الذي سحبه العسكر من تحت قدميه مرتين, المرة الأولى حينما كان شاباً عشرينياً ناهضاً والثانية بعدما أصبح كهلاً خمسينياً عاقلاً, وإلى يومنا هذا يعمل (أبو أم سلمة) بكل ما تبقى له من متانة الجسد ومشاعر الحسد, من أجل سحق كل من يقف أمامه ناصحاً لكي يصل ويهبط ناعماً على مدرج رئاسة الوزارة.
الآن أرانا رب الكون في بقايا الاسلامويين عجائب قدرته, من كان يصدق أن يأتي يومٌ يستجدي فيه أبناء و بنات نافع وعبد الرحيم وعلي ثعبان السلطات؟, لكي يقدموا لآبائهم جرعة ماء و حبة تمر حتى يقتلوا بها ويلات ظمأ حر صيف رمضان الكوبري الغائظ, لكنها رسالة السماء للأرض منذ أزمنة غابرة قد وجهت لهذا الإنسان الظلوم الجهول, فمن تذوق طعم السلطة واسترزق من مال السحت لن يتوقف عن قتل كل الناس ثمناً لعودته إلى دهاليز القصور الشامخات والليالي الحمراوات, لقد أباد كبيرهم الجنرال المذعور مئات الآلاف من مواطنيه حتى لا ينازعه أحد في الملك, فلا يجب أن يتوقعن أحدٌ منكم أن هذه الجماعة البائدة سوف تستسلم بهذه السهولة الساذجة.
لا تغادروا الخرطوم يا من دعمتم بسرعتكم الفائقة وقوتكم الرادعة قطار ثورة الشباب و أزلتم الغُمة, فما زالت أعين خفافيش الموت المتدثرة بثياب ظلام الليل الهاديء تتربص بالمواطنين الأبرياء الدوائر, وتتحين الفرص والسوانح لكي تنقض عليهم إنقضاضة أسد جريح على فريسة ماكرة, لا تتركوا مواطنيكم تلتهمهم بطون هذه الوحوش الجائعة, فلولاكم لفتكت كتائب ظلال الثعبان الأزرق والأرقط المسموم والمتلوي حقداً وكراهيةً, بهذه الشعوب البريئة التي لم تطالب بغير حريتها وسلامتها وعدالة السماء التي رفعت من أجلها أكفها بالدعاء ثلاثون عاما.
إبقوا في عش الدبور و راقبوه مراقبة القط للفأر, لا تدعوا لهم منفذاً للهرب بمال المسحوقين, ضيّقوا عليهم الأرض بما رحبت كما ضيقوها على عباد الله ثلاثة عقود من الزمان, لا تلتفتوا إلى صياح المغدورين في كادقلي والضعين وتلس وكسلا واوكلوا أمرهم للقوات الشرطية والعسكرية الأخرى هناك, أما أنتم فرابطوا مرابطة رابطة الجأش أمام باب هذا العش الدبوري الخبيث, وذلك لأن صياح الأطراف وأنين الضحايا هناك مصدره العمل غير الطيب لهؤلاء المختبئين داخل هذا العش اللعين, فحتى لو لم يُقّدر الله وامتدت ألسنة لهب نار الأطراف و توجهت نحو هذا العش الكئيب, أتركوها تتمدد لتصل إليه لكي تندلع معركة الفرقان الفاصلة والفارقة والمفرقة بين الحق والباطل, فهذه المعركة الحاسمة والسريعة داخل أتون مكمن الداء ومركز البلاء لابد أن تحدث وإن طال إنتظار ضحايا الإبادة الجماعية.
لقد دفعت أطراف الوطن البعيدة أثمان باهظة وتكاليف مادية ومعنوية مضاعفة, جراء تلاعب حفنة صغيرة الحجم وقليلة العدد من البائدين العميقين بموارد البلاد الاقتصادية والمالية, واستكانت وصمتت هذه الأطراف النائية لعشرات السنين تكابد الأنين المقيم وتتحمل الفاجعة تلو الفاجعة في فقدان الزوج والوالد والولد, فليس من العدل ولا الإنصاف أن تحزن كادقلي وتبكي وتجزع وتتجرع كؤوس العلقم المر لوحدها, فلابد من استلهام معايير الجزئية الأخيرة من الحديث النبوي الشريف (تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى), فلقد جاء الوقت الذي يجب أن يسهر فيه الجميع من أجل أوجاع الجميع, لانريد لسكان كادقلي أن يلعقوا جراحاتهم ويتجرعوا كؤوس مراراتهم لحالهم, بينما العميقون البائدون نائمين في خدر هذه الحسناء (الخرطوم) يحيكون الدسائس ويستطعمون العسل ويمكرون متناسين أن الله هو خير الماكرين.
إسماعيل عبد الله
[email protected]
|
|
|
|
|
|