- في قلب سودان يعاني من نيران الحرب، حيث تتلاشى معالم الإنسانية تحت وطأة الصراع، تبرز قصة مأساوية جديدة، قصة مئات الأرواح البريئة التي هربت من جحيم بلدانها لتجد نفسها حبيسة جحيم آخر، جحيم الظلم والانتهاك في أرض الملاذ الأخير، ففي مدينة الخرطوم، عاصمة السودان، تحتجز السلطات الأمنية مئات اللاجئين من دول جنوب السودان، إريتريا، إثيوبيا، الصومال والكونغو في ظروف مزرية، يرزح هؤلاء اللاجئون، بينهم نساء، تحت وطأة المعاناة، محرومون من أبسط حقوقهم الإنسانية، تدور أحداث هذه المأساة في مسرح ميدان "جامسكا" ومدرسة العاشرة بالثورة، حيث يحرم اللاجئون من الطعام والدواء، ويتعرضون للابتزاز المالي والاعتداء على ممتلكاتهم، تصدر أحكام صورية بحقهم، ويُحرمون من الاتصال بعائلاتهم، تروي رحاب مبارك، المحامية الحقوقية للغراء الوطن، تفاصيل هذه الانتهاكات، مشيرة إلى أنها مخالفة صارخة للقانون الدولي والإنساني، وتكشف عن وجود شبكات منظمة تستغل هذه الظروف لابتزاز اللاجئين، وتؤكد أن هؤلاء اللاجئون يتعرضون لخطر الموت نتيجة القصف العشوائي وسوء التغذية، فتتفاقم معاناة اللاجئين مع كل يوم يمر، يتعرضون لخطر الموت المحقق، سواء من القصف أو من الجوع والأمراض، تصرخ أصواتهم من بين الأنقاض، ولكن لا مجيب، ونختم بصرخة استغاثة موجهة إلى العالم أجمع، وننادي بضرورة التدخل لإنقاذ هؤلاء الأبرياء، وتسليط الضوء على معاناتهم، ونطالب بضرورة إطلاق سراحهم وتأمين عودتهم الآمنة إلى بلدانهم أو نقلهم إلى مكان آمن.. هنا تحضرني طرفة فليسمح لي القارئ الحصيف بأن اوجزها في هذه المساحة وبهذه العجالة وهي:- أعيش في مصر، تلك الدار التي احتضنتني وفتحت لي ذراعيها، لا أبالي بمرور الأيام، وأنا أرى في نفسي جزءًا من نسيجها الاجتماعي، ولكن، هبت رياح التغيير فجأة، وحملت معها قرارات قاسية لم أكن أتوقعها، فقد أعلنت الحكومة المصرية، قبل أشهر قليلة، إلغاء جميع إقامات الأجانب المقيمين على أرضها، دون استثناء، حتى أولئك الذين استثمروا أموالهم فيها أو تزوجوا من مواطناتها، وأعطت مهلة محدودة لجميع الأجانب لتسوية أوضاعهم، وإلا فإنهم سيواجهون المساءلة القانونية، أما أنا، فلم أكن قلقًا على نفسي، فقد كنت لاجئًا سياسيًا، وتحملت الأمم المتحدة، ممثلة بمفوضيتها السامية لشؤون اللاجئين، مسؤولية تسديد جميع الرسوم المستحقة عليّ، كنت أرى في هذا القرار استهدافًا واضحًا للسودانيين، خاصة بعد اندلاع الحرب الأهلية في بلادي، والتي أدت إلى دمار هائل وتشريد الملايين، لقد فتحت مصر أبوابها لاستقبالهم في البداية، ولكنها سرعان ما تراجعت عن ذلك، وألغت الاتفاقيات التي تربط بين البلدين، والتي تضمن حريات التنقل والإقامة والتملك والعمل، وعندما حاولت توضيح هذه الحقيقة في إحدى اللقاءات التلفزيونية المحلية، قاطعني المذيع، وأكد أن الحكومة منحت الجميع فرصة كافية لتسوية أوضاعهم، وأنهم أصبحوا أمام خيار واحد: البقاء والتكيف مع الشروط الجديدة، أو المغادرة، أشعر الآن بحيرة شديدة، فإلى أين يذهبون؟ مصر كانت ملجئهم، وهي الآن تطالبهم بالمغادرة، وهم لا يريدون سوى العيش بسلام وأمان، ولكن الظروف لا تساعدهم على ذلك، يا رب، أخرجنا من هذا الضيق إلى سعة من فضلك.. واللهم اسألك اللطف بالسودان والسودانيين في الداخل والخارج.. O God, I ask you to be kind to Sudan and the Sudanese at home and abroad وعلى قول جدتي:- "دقي يا مزيكا !!". خروج:- "عصفة نارية على الأبيض وما أدراك ما أبو قبة فحل الديوم !!" ففي يوم أربعاءٍ مشؤوم، هبت أمس عاصفة من نارٍ على مدينة الأبيض، عاصمة ولاية شمال كردفان، لتغرق شوارعها بدماء الأبرياء، ففي خرقٍ سافرٍ لكل القيم الإنسانية، أقدمت مليشيا الدعم السريع المتمردة على قصف المدينة بقذائف الكاتيوشا، متخذة من الأحياء السكنية هدفاً سهلاً، حيث سالت الدماء بغزارة، وساد الرعب والهلع أرجاء المدينة، ولم يفرق القناصة بين طفلٍ يلعب في الشارع، أو امرأةٍ تبحث عن لقمة عيش، أو طالبٍ يطمح لمستقبلٍ أفضل، فقد استهدفوا كل ما هو حي، وكل ما هو جميل، وأصوات الانفجارات المدوية مزقت هدوء المدينة، وغطت سحب الدخان الأسود على سمائها الصافية، وتحولت المدارس إلى ساحات حرب، والمستشفيات إلى ثلاجات لحفظ الجثث، ولم تقتصر جرائم المليشيا على القتل والتدمير، بل تعدتها إلى قطع أرزاق الناس، وتعطيل الخدمات الأساسية، فبفعل القصف، انقطعت شبكات الاتصال، وأغلقت المحال التجارية، وفر الكثيرون من بيوتهم خوفاً على أنفسهم وأسرهم، ولم يقف أهل الأبيض مكتوفي الأيدي أمام هذا العدوان الغاشم، فقد تصدت قوات الجيش السوداني لهذه الهجمات الشرسة، وردت على مصدر النيران، وبينما كانت المدينة تحاول أن تلتئم جراحها، كانت الأسئلة تزداد حول أسباب هذا التصعيد العسكري، وكيف يمكن وقف نزيف الدماء، وإعادة الأمن والاستقرار إلى السودان، وإن ما حدث في الأبيض هو جريمة حرب لا يمكن السكوت عنها، وستظل محفورة في ذاكرة التاريخ.. #أوقفوا_الحرب ولن أزيد ،، والسلام ختام. [email protected] - Drosmanelwajeeh
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة