• عاصفة من الانتقادات اللاذعة تعرضت لها مبادرة الدكتور حمدوك ذات النقاط الثمانية، خاصة من أولئك الذين استقالوا من عضوية المبادرة. استقالات كتبت في عجلة من أمرها تفتقر للحكمة والحكمة ضالة المؤمن دعك من السياسي في وطنٍ تتنازعه الأزمات من اطرافه ووسطه ومركزه، فالمبادرة ليست بديلاً للحرية والتغيير كما زعم البعض، ولا هي جسر للمصالحة من عناصر النظام البائد كما توجس آخرون. ولو أحسنّ الظن، فهي موجهات عامة لا يختلف عليها عاقلان، وكل ما تحتاجه هو وضعها كبرنامج وطني مرحلي للخروج من عنق الزجاجة الإنتقالية والنجاة من المنعطف الوطني الحالي الذي يخيم على البلاد ويشعر بدبيبه المواطن في كل مكان .. "كأنما تداول سمع المرء أنمله العشرٌ" ..
• قال الدكتور حمدوك في تعليقه على طريقة تشكيل آلية المبادرة: " كان لدينا شرطاً واحداً أن تكون هذه القوى والمكونات مؤيدة لعملية الانتقال، فلم يكن من المصلحة إهمال أو تجاهل أي قوى اجتماعية حقيقية لديها قواعداً وتأثيراً، وتمثل جماهير صاحبة مصلحة في التغيير نحو الأفضل والتحول نحو الديمقراطية والدولة المدنية". إذن أين المشكلة؟ إذا كانت المبادرة ستجلب مزيداً من القوى السياسية أو الإجتماعية لدعم الإنتقال فخيراً وبركة. علينا أن نفهم أن الوطن للجميع ولا حجر على أحد من المشاركة السياسية إلا من ثبتت في حقه جريمة وهؤلاء قابعون في سجن كوبر والبقية مختبئون.
• لخص الدكتور حمدوك أسس مبادرته في ثمانية نقاط وهي: توحيد الكتلة الانتقالية وتحقيق أكبر إجماع ممكن داخلها حول مهام الانتقال، الشروع مباشرة وعبر جدول زمني متفق عليه في عملية الوصول لجيش واحد مهني وقومي بعقيدة عسكرية جديدة عبر عملية للإصلاح الشامل وبما يعبر عن تنوع السودان الفريد، توحيد مراكز القرار داخل الدولة وعملها وفق رؤية مشتركة، الاتفاق على آلية موحدة للسياسة الخارجية وإنهاء التضارب الذي شهدته الفترة الماضية، الالتزام بتنفيذ اتفاق السلام واستكماله كقضية رئيسية من قضايا الانتقال، تقوية توجه الحكومة والدولة الذي يقوم على الإنتاج المحلي وحماية الفقراء والمستضعفين والتعاون مع المؤسسات الدولية، الالتزام بتفكيك دولة الحزب لصالح دولة الوطن وبناء دولة مؤسسات وطنية مستقلة. وأخيراً: التزام جميع الأطراف فعلاً لا قولاً بالعمل من أجل الوصول إلى نظام حكم ديمقراطي مدني يقوم على أساس المواطنة المتساوية وإجراء انتخابات ديمقراطية حرة ونزيهة.
• هذه النقاط الثمانية ليس ثمة عاقل يعترض عليها، وبالتالي ليست في حاجة لشهرين للإتفاق حولها كما الزم حمدوك الآلية، ما تحتاجه مبادرة حمدوك هو خطة قصيرة الأجل (Short-run) لتنفيذها، والأهم من ذلك تحتاج لسياسيين- لديهم مصلحة وداوفع قوية- لتطبيق بنود المبادرة على أرض الواقع، وهنا يأتي دور حمدوك الجوهري إذا أراد الفلاح.
• هذا بالطبع، إذا لم تصر النخبة السياسية على تحويل الأمر ل(عنكوليب) تمضغه ليل نهار حتى ينمسخ وتلحقه بالمبادرات السابقة التي مرت من هنا وذهبت لأدراج النسيان. اليوم التالي 28.8.2021
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
محمد الامين على المبروك
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست